المؤلف:
حسام عواد

النهضة التعليمية والثقافية في الأردن

يعد التعليم جوهر عملية التغيير، والمورد الاقتصادي الأساس للتنمية، وفي ظل الإمكانات والموارد المحدودة، فقد أصبح الاستثمار في قطاع التعليم من أبرز ما حققه الأردن من إنجازات، حتى أصبح الأردن من الدول المتقدمة في التعليم على المستوى العالم، وقد رفد الأردن الدول العربية الشقيقة بالخبرات التعليمية ذات الكفاءة العالية، ما أسهم في تطوير منطومة التعليم لديهم.

 

 

أولا : تطور التعليم في الأردن

بدأ الاهتمام بالتعليم منذ تأسيس الإمارة رغم شح الإمكانات، إذ بلغ عدد المدارس آنذاك ثلاث مدارس ثانوية متوسطة (مدة الدراسة فيها سنتان) في السلط وإربد والكرك، ثم أصبحت مدرسة السلط الثانوية كاملة (مدة الدراسة فيها أربع سنوات)، ثم تبعتها ثلاث مدارس في أربد والكرك وعمان.

وأصبح في شرق الأردن في عام 1931م خمسون مدرسة للذكور، وعشر مدارس للإناث ومدرسة صناعية واحدة، وفي عام 1939م صدر نظام المعارف وتعديلاته، وقُسّمَت بموجبه الإمارة من الناحية التعليمية ثلاثة ألوية هي : لواء عجلون، ولواء الكرك ومعان، ولواء البلقاء، وتنوعت المدارس بين حكومية وخاصة.

• برأيك، ما دلالة وجود مدارس ثانوية في الأردن منذ تأسيس الإمارة؟

كان الطلاب قبل عام 1939م يتخرجون في المدارس الأولية بعد اجتياز الامتحانات المدرسية، أما بعد العام الدراسي (1944 – 1945م) فقد أصبح الحصول على شهادة الدراسة الأولية مشروطا بنجاح الطالب في الامتحان الذي تشرف عليه وزارة المعارف آنذاك.

وبلغ عدد المدارس بعد الاستقلال سبعا وسبعين مدرسة حكومية، وكان تطور أعداد المدارس محدودا، لأن افتتاح المدارس كان مقتصرا على المدن وبعض التجمعات السكانية في الريف، إضافة إلى قلة الموارد المالية، وضعف اهتمام الأهالي بالتعليم، وخاصة تعليم المرأة.

وأسهم الأردنيون بدفع تكاليف التعليم الأساسية في تلك المدة مثل بناء المدارس، ودفع أجور المعلمين وثمن مواد العليم، وكان على البلديات والمجالس القروية تحمل أعباء بناء المدارس الأساسية، وتقديم قطع من الأراضي لوزارة التربية والتعليم تسهيلا للبناء، ورغبة منهم في نشر التعليم بين أفراد الشعب الأردني.

ولم يقتصر التحصيل العلمي للأردنيين على المدارس الأردنية، بل كان المتفوقون يحصلون على بعثات علمية إلى جامعات عربية مكافأة لهم على نفقة الحكومة، ومن أبرز الجامعات التي درسوا فيها (الجامعة الأمريكية في بيروت، الجامعة السورية في دمشق، جامعة الأزهر في القاهرة).

وكان لدستور عام 1952م أثر في إحداث نهضة تعليمية في الأردن، إذ أقر إلزامية التعليم ومجانيته.

وفي عهد الملك الحسين بن طلال تضاعف عدد المدارس وعدد الطلبة الملتحقين بها، وجفت منابع الأمية إلى حد كبير، وافتتحت الجامعات، وتخرج فيها آلاف الأردنيين المتسلحين بأعلى درجات الكفاءة في مختلف العلوم.

ووصل تطور التعليم في الأردن ذروته في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حيث أولى التعليم جل عنايته، وارتفعت نسبة الإنفاق على التعليم إلى حد غير مسبوق ، وبناء على توجيهاته البناءة في التعليم شهدت المدارس في عهده ثورة في استخدام تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها في الغرفة الصفية، وتركيزا على التعليم المستمر مدى الحياة، وتفعيلا لدور الطالب ليكون منتجا للمعرفة محللا لها، وفي عهده أيضا برز الاهتمام بالبيئة التعليمية الآمنة وإغنائها بالمصادر والمختبرات والمشاغل، وبالتعليم المهني والتقني لرفد سوق العمل بما يحتاج إليه من الكوادر المؤهلة، وبتأهيل المعلمين وتدريبهم قبل الخدمة وفي أثنائها، وزاد عدد المدارس لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة، وزادت العناية بالطلبة المتميزين بإيجاد مدارس الملك عبدالله الثاني للتميز المنتشرة في محافظات المملكة كافة، وحدث توسع كبير في التعليم الجامعي كما ونوعا وصولا إلى أعلى معايير الجودة في التعليم.