المؤلف:
safaawa2el

عمان- اضطراب العلاقات بين الأبوين، وكثرة الأعمال والالتزامات الاجتماعية، والأهم الضغط الاقتصادي الذي يعيشه الفرد الأردني، جميعها عوامل تؤثر على الأبناء وعلى تحصيلهم العلمي. وأكدت دراسة تربوية بريطانية حديثة مفادها "البيئة الاجتماعية التي يعيشها الطالب تحتل مكانة بارزة في العملية التعليمية، وقد أثار تفوق الطلاب اليابانيين في العلوم والرياضيات اهتمام العديد من التربويين على مستوى العالم، وتوصلت الدراسات التي أجريت في هذا المجال إلى ثلاثة عوامل رئيسية؛ اهتمام الأبوين بتعليم أبنائهما، تحفيز الآباء المستمر لأبنائهم، والوقت المخصص للواجبات المنزلية العائلية". وعن الضغط النفسي الشديد الذي يصفه الطالب خلدون عبد الله (17 عاما)، يقول "مطلوب مني ومن إخوتي النجاح والتميز والتحصيل العلمي العالي، فدائما يقول لي أهلي إن الدراسة أهم شيء للشخص وهي مفتاح النجاح، ومن كان متفوقا في دراسته سيكون متفوقا بكل شيء". لكن يتوقف خلدون عند جملة "المتفوق في الدراسة شخص متفوق بكل شيء"، ويستغرب فهو لا يجد ذويه متفوقين في حياتهما الزوجية، ولا حتى في أعمالهما، فالوضع الاقتصادي ليس ثابتا وكثيرا ما يكون سيئا على حد تعبيره، وكثيرا يقوم هو وإخوته بإصلاح الحياة بين ذويهم، ما جعل الحياة مملة وكثرة المشاكل هي المسيطرة. أما الطالبة دانة كمال فوجدت أن الحياة التي تعيشها مع عائلتها تجعلها تكره الحياة والدراسة، ولا تستطيع التركيز في المطلوب منها لتكون طالبة مميزة وقائمة بمهامها على أكمل وجه؛ إذ قررت أن تتحدث مع والديها بصراحة، فتقول "جلست معهما وسألتهما ماذا تريدان مني وأنا طالبة؟، وكانت الإجابة أنهما يريدانها متميزة وناجحها في دراستها، ليفتخرا بها أمام الناس جميعا، فكان لي طلب واحد، وهو تواجدهما معنا في المنزل نشعر أننا عائلة واحدة، وبلا مشاكل". وبالفعل تغيرت سلوكيات ذويها، على حد وصفها، وبات الاهتمام بها أكثر، وشعرت أنها عادت لحيويتها ولنشاطها الدراسي وحب النشاطات الأسرية والتي قربت ذويها منها أكثر. ويؤكد اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، أن التحصيل التعليمي للطلاب يتأثر كثيرا في الظروف التي تحيط بالطالب وأهمها الشأن الأسري، وهناك عدد من العوامل والصفات الأسرية التي تسهم في مستوى التحصيل، ومن هذه العوامل الحالة الاجتماعية والاقتصادية للطالب. ويشدد جريبيع على أن استقرار الأسرة يؤثر كثيرا على التحصيل الدراسي للأبناء، واستقرار الأسرة وتكافلها من العوامل التي تؤثر أيضا على مستوى تحصيل الطلاب. ويلفت إلى أن هناك العديد من الدراسات التي تبين أن الطلاب الذين يعانون من تدني مستوى التحصيل العلمي ينتمون إلى أسر تعاني من خلافات ومشكلات عائلية وأسر مفككة اجتماعيا. ويؤكد أن التعامل القاسي والمتطرف بحق الأبناء يؤكد أنه سبب أساسي لوجود طلاب غير مجتهدين ومنهكين بظروفهم الاجتماعية. وتشير المرشدة التربوية في إحدى المدارس الخاصة، ريا خليل، إلى أن من أكثر ما يؤثر في حياة الطالب "الوضع العائلي"، وخصوصا للطلاب في مرحلة المراهقة، فيكون الشرود وقلة الحيلة والعدوانية هي الصفات السائدة، وبعد دراسة الحالة ونداء الأهالي والحديث معهم لمناقشة حالة الطالب يكون السبب الرئيسي بعد الأبوين عن الطالب، وكثرة الخلافات العائلية، وقلة الاهتمام بالأبناء لوجود الخلافات، مما ينعكس على مستوى الطالب التحصيلي. وعن ردود فعل الأهالي فيكون حسب خليل بأن الوضع الاقتصادي يسيطر على تفكير الأسرة ما يجعل الأبوين يلهثون وراء احتياجات الأبناء وتسكير الالتزامات المالية العالية، فيكون تأثير ذلك بكثرة الخلافات بين الأبوين، وما يرجع بالضغط على الأبناء. وتؤكد أن تشجيع الأهالي لأبنائهم يؤثر بتحصيلهم العلمي ويكون بازدياد، مبينة أن التشجيع والتحفيز لا يقتصران على الأبناء الصغار وإنما الكبار أكثر لإيجاد نتائج دراسية عالية نهاية العام. في حين يتحدث اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، أن سوء الحالة النفسية يؤثر كثيرا على الفرد، وخصوصا على الطالب، فأعمارهم صغيرة، ومسؤوليتهم في تحسين التحصيل العلمي بشكل دائم والسيطرة عليه تجعلهم أصحاب مسؤولية عالية وضغط نفسي كبير. وبعض الأهالي يقومون بإلقاء المسؤولية في تربية الأبناء على المدرسة والتنصل من أي دور تجاه الابن، وهذا يعني عدم وجود روابط وصلات عميقة بين أولياء أمور الطلاب وبين المعلمين. ويشدد على أن توتر الجو المنزلي يؤثر بشكل كبير على نفسية الطالب وبالتالي يؤثر عليه بعدوانية أكبر وقلة مسؤولية وعصبية وأحيانا عقوق الوالدين كرد فعل عما قام به والداه من إهمال وشدة توتر للعلاقات بينهما.