المؤلف:
الإشراف التربوي
مقالات الأوائل

قدم د. ذوقان عبيدات دراسة غريبة من نوعها والاغرب انها نشرت على صفحات جريدة الغد الاردنية مما يمنحنا فكرة ان المسؤولين في جريدة الغد لا يتابعون بدقة ما ينشر عبر صفحاتها، اذ اتهمت الدراسة وزارة التربية والتعليم في الاردن بانها تضع مناهج ساعدت وتساعد على تقوية الفكر الداعشي بين الطلاب. وجاءت الدراسة تحت عنوان( الداعشية في المناهج والكتب المدرسية) قدمها د.عبيدات كدراسة تحليلة! وعند قراءتها تكتشف بانها لا تحوي اي منظومة اكاديمية ولا أُطر نظرية وخالية من المنهجية العلمية والموضوعية ومليئة بالتطرف الفكري المعادي لكل شيء يرتبط بالدين والفكر الاسلامي. عند قراءة النقاط والامثلة التي طرحها عبيدات تحتار هل هو ضد حركة داعش المتطرفة دينيا ام ضد الدين الاسلامي نفسه ومالذي يهاجمه عبيدات ويرفضه في مناهج وزارة التربية والتعليم في الاردن! فهو يرفض ان تكون ايات القران والاحاديث النبوية هي الامثلة والنصوص المستخدمة في منهاج اللغة العربية ويرفض اقحامها في كتب التربية الوطنية والثقافة العامة واللغة العربية وبهذا يكون من الرافضين ان تكون اي نصوص (الهية) هي الموجه والمربي والقدوة للطلاب والمؤثر في تنشأتهم وسلوكهم وتوجههم الفكري وبناء عقيدتهم، مما يؤكد ان عبيدات من دعاة الفلسفة الوجودية التي اسسها ( سورين كيركغارد) الذي عاش بين عامي 1813-1855 والداعية الى تغييب الايمان بالتأثير المباشر لقوة (الالهة) على الفرد اي ان الانسان حر بالكامل ويقوم على تكوين معتقداته بنفسه حتى لو كانت معتقدات عبثية تؤدي بالمجتمع الى الانهيار الاخلاقي. من الواضح ان عبيدات استغل ظاهرة (داعش) لاستخدامها كعنوان للدراسة وحجة لنشر دراسته لانه يعلم ان الجميع ضد داعش مما يوفر له الحماية من هجوم الاخرين عليه اذا ما جاء اسم الدراسة ( الفكر الاسلامي في المناهج والكتب المدرسية) لان اي عاقل يقرأ الدراسة يكتشف بانها تنتقد وزارة التربية والتعليم على اعتماد الفكر الاسلامي في مناهجها وان اقحام داعش استخدم للتغطية على تطرفه الفكري ضد المعتقدات الدينية وهو بهذا لا يختلف في تطرفه عن تطرف داعش. فهو ينتقد اربعة من خمسة اسس فلسفية لوزارة التربية هي اسس دينية! ويسفه الحقيقة الازلية لوجود الاله وتوجيه وتعزيز الروحانية في نفس الطالب فهو يرفض علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ويقين اليقين بل ويسخر منها ويرفض الاستخارة كمنهاج للانسان مع العلم انها (اي الاستخارة) سبيل المؤمن لمنجاة الخالق ويقول ان الوزارة تقدم نصوص جامدة لا صلة لها بحاجات الطالب (اي النصوص الدينية)، ويركز عبيدات على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويرفض النص الذي يحث الطالب على السعي الى التغيير، فهو يرفض ان يمد يده او يستخدم لسانه لاحداث التغيير او استنكار المنكر في قلبه، وهذا اذا اثبت شيء لا يثبت غير الحقيقة التي قلناها في البداية ان عبيدات من دعاة الفكر الوجودي اي ان الانسان حر وليس للاخرين عليه حق حتى في توجيهه، ويسأل كيف يفهم المراهق هذه الفكرة (اي النهي عن المنكر) وكانه يقول ان فكرة الدعوة الى النهي عن المنكر فيها دعوة مبطنة للعنف، وما اعرفه انا شخصيا ان تفسير النهي عن المنكر في مدارسنا الاردنية ياتي باساليب خالية من العنف فيكفي ان يعلم الطالب ان عدم القاء النفايات في الشارع والدعوة الى حملات نظافة لساحة المدرسة ومحيطها ونشر ثقافة القاء النفايات في الحاوية هي احد الاساليب المستخدمة لايصال فكر النهي عن المنكر والامر بالمعروف للطلاب. وينتقد فكرة الخير والشر وان الرؤية في المنام من الله والحلم من الشيطان ويطالب بتعليم الطلاب بالتعريف العلمي للحلم اي يريد فصلهم عن اي احساس روحي، وكأن حال لسان عبيدات يقول : اننا لم نجني من الايمان والفكر الديني غير حركات اسلامية متطرفة تجرنا الى العنف لذا يجب ابعاد اي فكر ديني عن اولادنا وحمايتهم منها. وهنا يأتي في ورقته قبل الاخيرة اذ يرفض فكرة (كفتي الميزان) اذ هناك دعوة في المناهج الى ان يوازن الانسان بين المادية والروحانية ولا يؤيد عبيدات ذكر اضرار العلم واغراق الانسان في المادية في مناهج التربية ، وهنا استخدم مثال (بر الوالدين) فتلك المادية المطلقة التي يدعو اليها عبيدات هي التي جعلت الانسان في الدول الغربية يتخلى عن واجباته تجاه والديه وليس امامهم غير ملجأ العجزة وساعدت على تفكك الاسرة ، هنا اطرح سؤال اذا كان المحرك الرئيسي لعاطفتنا نحن المسلمون نحو الاخوة والاقارب (صلة الرحم) ونحو الاب والام هو (البر) ومرضاة الله ماذا سيحدث بالمجتمع اذا التغى لدينا هذا الدافع وانطلق كل واحد منا في الحياة ساعيا خلف هدفه بانانية مسقطا واجباته التي يدعونا اليها الاسلام. في دراسة عبيدات دعوة للتركيز على المفاهيم الوطنية البحتة وان يصبح الانتماء الى الوطن هو العقيدة الوحيدة الموجهة للانسان وسخِر من طرح مفاهيم الجهاد ونسي تماما ان الدافع الرئيس لدى كل جندي في جيشنا العربي حماية الوطن حتى الشهادة والشهيد معاذ كساسبة رحمه الله اكبر دليل .