المؤلف:
الإشراف التربوي
مقالات الأوائل
هل يحدث معك أن تتوجه إلى المطبخ أو إلى إحدى غرف منزلك، ثم تتوقف عند وصولك لتتساءل ماذا جئت تفعل أو عن ما كنت تبحث؟ أن تنسى شيئاً فكرت فيه قبل دقائق، بل قبل لحظات، وأن تبحث عن شيء وهو أمامك، ليس بالأمر المستغرب أو النادر، فآلاف الناس يعانون هذه الفراغات أو الفجوات في قدرتهم على التذكر والتركيز.غير أن أكثر ما يخيف بشأن هذه الظاهرة، هو بروزها قبل وقت طويل من دخولنا فترة الشيخوخة الفعلية. والواقع أن قوة الدماغ التي نبنيها على امتداد حياتنا تصل إلى أقصى حدودها مع بلوغنا سن 39 أو 40 سنة.ثم يبدأ بعد ذلك بعض الوظائف الذهنية، بما في ذلك الذاكرة قصيرة الأمد، في التراجع بشكل بطيء، ولكن متواصل. سبل مواجهة هذا التراجع: كل الأشياء المفيدة لجسمك، مثل ممارسة الرياضة واتّباع نظام غذائي صحي والتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة وبنظرة إيجابية عامة، مفيدة أيضاً لدماغك. ويورد الاختصاصيون 8 استراتيجيات مفيدة لتأخير ظهور أعراض ضعف القدرات الذهنية المرتبطة بالتقدم في السن. 1 تبني النظام الغذائي المتوسطي: أسوأ ما يمكن القيام به، هو اتباع النظام الغذائي الغربي الذي يركز على تناول اللحوم والبطاطا.فمن شأن هذا النوع من الأطعمة أن يزيد من إمكانية الإصابة بالالتهابات، كما أنه لا يمدنا إلا بعدد ضئيل جداً من مضادات الأكسدة.ويقول مدير مركز أبحاث الخرف في كلية الطب في جامعة ويسكنسون الأميركية، الدكتور بييرو أنتونو، إن أفضل خدمة نقدمها لدماغنا، هي تبني نمط غذائي شبيه بذلك المتبع في بلدان حوض المتوسط، حيث يُكثــــر الناس من تنــــــاول الحبوب الكاملة، والخضــــــــار والفواكه (خاصة ثمار العليق) الغنية بمضادات الأكسدة، زيت الزيتون، ثمار البحر، ويقتصدون في تناول اللحوم الحمراء ومشتقات الحليب والحلويات.وكانت الدراسات قد أظهرت أن الأشخاص الذين يتّبعون مثل هذا النظام الغذائي، هم أقل عرضة للإصابة بمرض الزهايمر، وأن المصابين أصلاً بهذا المرض والذين يبدأون في اتباعه قد ينجحون في تأخير تدهور حالتهم. ويعتقد العلماء أن هذا النظام الغذائي يساعد على حماية الدماغ عن طريق التخفيف من الالتهابات، وتحسين مستويات الكوليسترول والسكر، وتعزيز صحة الأوعية الدموية. 2 التخفيف من السكر والنشويات: تبين من الأبحاث الحديثة أن مجرد الارتفاع البسيط في مستويات سكر الدم قد يضر بالدماغ. وللحفاظ على مستويات طبيعية لسكر الدم، يجب الامتناع عن المشروبات الغنية بالسكر والأطعمة الجاهزة، واعتماد نظام غذائي متوازن. وأسهل طريقة لتطبيق ذلك، هي ملء نصف الطبق بالخضار غير النشوية مثل البروكولي، الطماطم، السبانخ أو السلطة. ثم ملء ربعه بالحبوب الكاملة أو الأرز البني أو الفاصولياء أو الخبز أو المعكرونة المحضرة من القمح الكامل، وملء الربع الآخر بالبروتين مثل السالمون المحضر بالفرن، أو صدور الدجاج، أو التوفو. والواقع أن الحفاظ على مستويات طبيعية لسكر الدم يمكن أن يقينا أمراضاً عدة بما في ذلك السكري. وتقول البروفيسورة سوزان دي سانتي، المتخصصة في أبحاث الدماغ في كلية الطب في جامعة نيويورك إن مقاومة الأنسولين التي نشهدها لدى البعض، وهي حالة تسبق الإصابة بالسكري، يصاحبها عادة نقص أو تراجع في القدرات الذهنية. 3 القراءة واستخدام الإنترنت: أظهرت الإحصاءات أن إمكانية الإصابة بفقدان الذاكرة ترتفع بنسة 50 % لدى الأشخاص الذين يشاهدون البرامج التلفزيونية لمدة تزيد على 7 ساعات يومياً، مقارنة بالآخرين الذين يشاهدونها لمدة أقصر. وكانت دراسة أميركية حديثة قد أظهرت أن القراءة والبحث عن معلومات على شبكة الإنترنت (وهما يتطلبان عمليات دماغية معقدة) يزيدان من نشاط أجزاء في الدماغ مسؤولة عن القدرات اللغوية والبصرية وأخرى متعلقة بالذاكرة. وكلما كان النشاط الذي نقوم به أكثر استثارة وتحفيزاً لقدراتنا، وكلما كان يتطلب تفاعلاً أكبر مع العالم الخارجي، كان أكثر إفادة لنا. وفي دراسة حديثة تبين أن ممارسة الأشخاص ما بعد السبعين أنشطة مثل قراءة الكتب، واستخدام الكمبيوتر وممارسة هوايات ومهارات يدوية، تسهم في التخفيف من إمكانية الإصابة بفقدان الذاكرة بنسبة تتراوح بين 30 و50 %، مقارنة بالأشخاص الذين لا يمارسون مثل هذه الأنشطة. 4 ممارسة الرياضة: أظهرت الفحوص زيادة في حجم الدماغ، لدى الأشخاص المتقدمين في السن الذين يمارسون التمارين الرياضية التي تزيد من سرعة عملية التنفس وإيقاع ضربات القلب (الأيروبيكس)، ولم تُلحظ مثل هذه الزيادة لدى الآخرين الذين كانوا يكتفون بتمارين التمدد وشد العضلات. وقد تم تسجيل أسوأ النتائج لدى الأشخاص الذين لا يمارسون أية أنشطة بدنية. فممارسة تمارين الأيروبيكس بانتظام تحمل كمية أكبر من الدم والعناصر المغذية والأوكسجين إلى الدماغ، ما يقي الخلايا الموت، ويحث على نمو خلايا دماغية جديدة. ويساعد النشاط الرياضي أيضاً على ترميم الخلايا العصبية (ما يحسّن الذاكرة ويعزز عملية معالجة المعلومات)، وعلى التخفيف من التوتر، وعلى استقرار مستويات سكر الدم.

5 تدريب النفس على الصبر وممارسة التأمل: يعمل الكورتيزول، وهو هرمون يفرزه الجسم في حالات التوتر والغضب، على إلحاق الضرر بخلايا الدماغ، ويؤثر سلباً في الناقلات العصبية التي تستخدمها خلايا الدماغ لتتواصل مع بعضها بعضاً، ويضعف طبقة المايلين التي تحمي الخلايا العصبية. والتوتر الدائم الذي يؤدي إلى إفراز متواصل للكورتيزول يمكن أن يصيب الدماغ بأضرار خطيرة، ويضعف الذاكرة قصيرة وطويلة الأمد. لذلك من الضروري اعتماد تمارين الاسترخاء، مثل التأمل والتخيل التي تساعد على الحماية من تراجع القدرات الذهنية الناتجة عن التوتر المزمن. ويقول الدكتور جاي وينر إن مجرد بضع دقائق من التنفس العميق الهادئ، موزعة على ساعات النهار يمدنا بفائدة كبيرة. وقد أظهرت الدراسات أن ممارسة التأمل بانتظام يخفف من تشتت الأفكار وتؤدي إلى تغيرات إيجابية في الدماغ، تسهم في تحسين القدرة على التعامل مع التوتر. 6 التركيز على عمل واحد: المواظبة على القيام بأعمال عدة في الوقت نفسه، تُسهم مع الوقت في إضعاف القدرات الذهنية. فالمبالغة في استثارة الخلايا العصبية تؤدي إلى موت الخلايا في الدماغ. ولايزال العلماء حتى الآن لا يعرفون تماماً كيف ولماذا يحصل ذلك. فاذا وجدنا أنفسنا في محيط مشتِّت للانتباه لا يمكننا تغييره، علينا أن نستغل أية فرصة لشحذ قدرتنا على التركيز. وينصح وينر بالعمل دوماً على التحلي بالصبر وعلى التخلي عن كل الأفكار المتعلقة بكل الأشياء التي علينا القيام بها، وتركيز كامل انتباهنا على المهمة الحالية التي نؤديها. ومن المفيد لتحقيق ذلك إغلاق الهاتف النقال، الراديو والتلفزيون، والتوقف عن الرد على البريد الإلكتروني، فمن شأن ذلك المساعدة على التركيز على المهمة الحالية، وعلى التخفيف من التوتر وحماية الدماغ من الإجهاد. 7 تعزيز الحياة الاجتماعية: تشير الدراسات إلى وجود علاقة بين العزلة الاجتماعية وارتفاع نسبة الإصابة بالخرف. لذلك يستحسن ممارسة الأنشطة المختلفة، مثل ارتياد المسرح أو السينما أو حضور الحفلات الموسيقية مع الأصدقاء. وينصح أنتونو بالالتحاق بنوادٍ وبمجموعات المطالعة، فمناقشة الكتب مع الآخرين تساعد على تعزيز الجانب الاجتماعي والانفعالي في شخصياتنا. ويُجمع المتخصصون في أبحاث الشيخوخة على القول إن التخطيط للأنشطة الاجتماعية والمشاركة فيها، والحفاظ على علاقات قوية مع الأصدقاء والمعارف، عن طريق التواصل الدائم عبر الهاتف، البريد الإلكتروني وغيرها، وتمضية وقت كافٍ معهم، تفيد صحة الدماغ ( تساعد على تشكيل خلايا دماغية جديدة وخلق مسارات عصبية جديدة والحفاظ عليها ) أكثر بكثير من القيام بالأنشطة بشكل منفرد. 8 تناول بعض المكملات الغذائية: من المفيد لصحة الدماغ تناول أحماض أوميغا- 3 الدهنية، فأدمغة المتقدمين في السن تُظهر علامات التهابات يمكن مكافحتها عن طريق هذه الأحماض الدهنية. وينصح الاختصاصيون بتناول أقراص زيت السمك الغنية بهذه الدهون يومياً. كذلك من المفيد، خاصة بعد سن الخمسين، التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين بـ 12 مثل الحليب، البيض، اللحم، الحبوب الكاملة، إضافة إلى تناول قرص يومي من الفيتامينات المتنوعة التي توفر 100 % من حاجة الجسم من حمض الفوليك والفيتامين بـ 12 وبقية مجموعة فيتامينات ب. وينصح بعض الاختصاصيين أيضاً بتناول أقراص عشبة الجينكو بيلوبا، التي تعزز انسياب الدم إلى الدماغ وتقوي الذاكرة.