نيفين عبد الهادي - يرى مختصون، في الشأن الوظيفي والحد من البطالة وتضخم طلبات التوظيف في تخصصات معينة دون الأخرى، أن طوق النجاة للتخلص من كل هذه السلبيات هو تعزيز ودعم التعليم التقني وجعل كليات المجتمع التي تواجه أيضا أزمة البقاء الأداة العملية والجهة التنفيذية لهذه التوجهات، وبذلك تخلق لذاتها حضورا مستقبليا واستمرارية اضافة الى حل اشكالية التخصصات المشبعة.

طوق النجاة هذا يأخذ طابعا منطقيا، إذا ما تمت قراءته بصورة عامة وفي اطار العناوين التي يتم تداولها بتوفير تخصصات يقبل عليها خريجو الثانوية العامة تمكنهم من حمل شهادة اضافة الى مهنة ووظيفة كون هذا النمط من التعليم يأخذ الطابع العملي أكثر منه الأكاديمي النظري، وهذا وفق المختصين ما يحتاجه سوق العمل.

ولكن الدخول بتفاصيل هذا التوجه حتما يضعنا أمام تساؤلات كثيرة لعل أبرزها ما هي التخصصات التقنية الفنية التي سيتم تدريسها في كليات المجتمع للاناث، وهن بالاساس من  يثقلن ميزان البطالة بكفتهن التي ترجح كثيرا عن الذكور، كون طلباتهن في مخزون ديوان الخدمة المدنية تصل نسبتها (77%)، فهل يملك صانع القرار اقتراحات لنوعية التخصصات الفنية والتقنية التي ستدرس للإناث، أم أن الأمر سيبقى مقتصرا على تخصصات تخص الذكور، وبذلك تبقى المشكلة تراوح مكانها دون أي حلول عملية كون التعليم التقني وفق ما يتم الحديث عنه أنه للذكور دون الاناث .

ايكال مهمة تدريس التخصصات التقنية لكليات المجتمع لا يمكن أن يعتمد فقط على طرح الفكرة، أو منحها السطر الأول في الحلول المقترحة حكوميا في علاج مشكلة البطالة وزيادة مخزون ديوان الخدمة المدنية من طلبات بتخصصات محددة أكثرها نسبة ،  المهن التعليمية والتي تصل نسبة طلباتها (50%)، الأمر بحاجة الى الكثير من الخطوات التي من شأنها جعل الفكرة ممكنة التطبيق، لا أن تلحق بعشرات الأفكار التي طرحت في أوقات سابقة ولم تتعد كلمات وأوراق تضاف لقائمة طويلة من المعالجات لمشكلة قديمة حديثة تكمن في زيادة عدد خريجي التخصصات المشبعة وتحديدا من الاناث، اضافة الى بحث فكرة استمرارية كليات المجتمع مع عدمها .

وما من شك ان اللجوء للتعليم التقني يحتاج الى دراسة مستفيضة تخص الإناث تحديدا، فما هي التخصصات التي يمكن أن تدرس لهن في ظل رسوخ ثقافة غالبية الأسر التي تلجأ لتدريس بناتها في كليات المجتمع بضرورة أن يدرسن في اطار المهن التعليمية فقط، علما بأن قانون التربية منع منذ أكثر من (15) عاما تعيين حملة الدبلوم في الوزارة، بالتالي هناك تحد كبير في ايجاد تخصصات تقنية تناسب الاناث وتقدر على تغيير ثقافة «التعيين بمعلمة فقط» اضافة الى توفير التسهيلات اللازمة لكليات المجتمع لتتمكن من اتباع هذا النهج في التعليم وازالة أي عقبات.

بدا واضحا مؤخرا التحرك الحكومي تحديدا من خلال ديوان الخدمة المدنية الاداة التنفيذية في ادارة التعيينات بأجهزة الدولة، اضافة الى التحرك النيابي في ايجاد مخارج عملية لتعزيز ثقافة التعليم التقني وتطبيقه على أرض الواقع، وتم اتخاذ عدد من الاجراءات بهذا الاطار والتسهيلات لكليات المجتمع تحديدا في الية القبول والهيئات التدريسية بها، لكن يبقى الجانب التنفيذي يصطدم بعدد من المعيقات والتي من أبرزها أي نوع من التعليم التقني سيقدم للاناث كون تخصصاته تأخذ الطابع الذكوري كتدريس «الميكانيك، أعمال الصيانة، الكهرباء، تصليح الهواتف الخلوية، وغيرها من التخصصات» التي لا يمكن للانثى ممارستها، فيما تبقى التخصصات الخاصة بالاناث  كالتجميل والسياحة وغيرها بسيطة ونسبة الاقبال عليها قليلة جدا ان لم تكن معدومة كونها ما تزال حتى اليوم تدخل في فلك «ثقافة العيب» عند غالبية الأسر. 

واقع ايجابي في اطاره العام لكن أهدافه لن تأتي أكلها إن بقي الحديث بشأنها في الاطار العام، فلا بد من وضع خطة واضحة المعالم التنفيذية ترتبط بداياتها مع نهاياتها الايجابية، وذلك لن يكون الا من خلال تحديد منهجية للتعليم التقني للاناث كما للذكور بتخصصات واضحة وعملية ومقبولة اجتماعيا وتتناسب وخصوصية الأنثى، يقابل ذلك توفير التسهيلات اللازمة لكليات المجتمع حتى تتمكن من تدريس هذه التخصصات، بذلك حتما ستحل الكثير من الاشكاليات من أبرزها وأكثرها تعقيدا زيادة حجم البطالة بين صفوف الإناث - الدستور