تنعقد الآمال والطموحات باقتراب موعد العام الدراسي الجديد، إذ يتبادر لدى المتتبعين والآباء والأمهات والطلبة أنفسهم تصورات بكيفية إنجاح العام الدراسي الجديد دون تحديات تحول فرحة الطلبة بالعودة إلى المدارس همّاً يجثُم على قلوب أولياء الامور والأسرة التعليمية بمجملها. وبالرغم من مثابرة وزارة التربية والتعليم على تأمين مستلزمات العملية التعليمية بشكل يليق بمستوى تعليمي متطور نهضوي شمولي، إلا أنه ما تزال بعض العثرات مطلع كل عام دراسي تعيق الكوادر التعليمية من متابعة أنشطتها على أكمل وجه. وزارة التربية والتعليم شهدت حالة من النضوج والتطور في خططها من خلال انفتاحها على مختلف المؤسسات المعنية بتطوير القطاع التعليمي خلال السنوات الماضية وإدماج الوسائل الحديثة والتكنولوجية ضمن مساراتها الاكاديمية والتقنية التي أعطت قيمة ايجابية ثرية للقطاع التعليمي. وها نحن الآن على أعتاب بدء عام دراسي جديد يتطلب مواصلة الجهود بما يضمن تحقيق أبرز مضامين الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي اشرف عليها جلالة الملك والملكة والتي تسعى بشكل حقيقي الى وضع العملية التربوية برمتها ضمن مسار الدول المتقدمة في طبيعة مخرجاتها، وإسهاما منها في إعلاء شأن المواطن الاردني أينما وٌجد وفي مراحله العمرية كافة. ومن خلال المتابعات للشأن التعليمي فإن هنالك تحديات كثيرة تعيق المسيرة التعليمية وتحدّ من تحقيق التطلعات المرجوة نحو تعليم أساسي يعتمد على التكاملية والشمولية ويوفر الفرص الكفيلة بتحقيق العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص. أبرز هذه التحديات العائق الاقتصادي (المادي)، أكان أمام الوزارة أو أهالي الطلبة. فالأهالي يواجهون عاما دراسيا يحمل أكلافا متزايدة بفعل ارتفاع مضطرد بالأسعار، غير آبه بتآكل قدراتهم الشرائية، وانحدار معظم الأسر نحو مزيد من الفقر لا تنفع معه سياسة شد الأحزمة. أما الوزارة، فتواجه تزايد أعداد الطلبة الداخلين في العملية التربوية، ومتطلبات فتح مدارس جديدة وغرف صفية جديدة، وما يعنيه ذلك من فتح شواغر جديدة، وإيجاد حل جذري للمدارس المستأجرة وتقليل أعداد المدارس ذات نظام الفترتين، مع اضطرارها لاستيعاب عشرات الآلاف من الطلبة من أبناء اللاجئين السوريين. وكذلك تصدي الوزارة لملف رياض الأطفال، وتغطية النقص الحاصل في أعداد المعلمين، وخصوصا في التخصصات النادرة مثل الفيزياء والرياضيات واللغة الإنجليزية، وأكلاف تطوير مستويات المعلمين (الجدد تحديدا)، في ظل الضغط على موازنة الوزارة الشحيحة بينما الحكومة تضغط نفقات الموازنة العامة التي تعاني عجزا مزمنا. وهنا لابد من التطرق إلى واقع المعلمين بشكل خاص الذين هم أساس العملية التربوية، وهم المكون الأساس. لذا فلا بد من مراعاة واقعهم بشكل خاص من خلال وضعهم في سلم أولويات العمل لجهة تمكينهم على وسائل إدارة الغرف الصفية وكيفية التعامل مع الطلبة مرورا بتدريبهم وتأهيلهم بما يضمن سلامة المخرجات، وصولا إلى الحد من الانتهاكات الواقعة بحقهم بمختلف أشكالها. ومن جانب فإن للطلبة احتياجات ومتطلبات لابد من دراستها وفق المناطق الجغرافية، تتطلب إدراكا حقيقيا لطبيعة المجتمع وحاجة المنطقة وكفايتها من الكوادر المختلفة في التخصصات كافة لضمان استمرارية وسلاسة العملية التعليمية، في ظل شكاوى من قصور بعض المساقات الدراسية للمعلمين المتخصصين وخصوصا في مرحلة الثانوية العامة. وفي سياق متصل، تشغل الكتب والمناهج الدراسية حيزا كبيرا من اهتمام الجميع ،التي حالت في كثير من الأحيان من الحصول على كتاب مدرسي بأثمان معقولة في ظل شكاوى الآباء من تغول المدارس الخاصة التي لا تراعي مقدار الكُلَف التي ترمي بأثقالها على كواهل الأسر. يحدث هذا كل سنة، في ظل ضعف في الرقابة، وحتى «قلة حيلة» الوزارة في مواجهة هذه المدارس التي تمارس رفعا سنويا غير مضبوط للرسوم، وأثمان الكتب، وتكاليف نقل الطلاب، بحجج واهية. بيد أن الأمر في المدارس الحكومية يشهد حالة مغايرة وتتمثل بصعوبة الحصول على هذه الكتب نظرا للبروقراطية التي يتبعها البعض في توزيع الكتب وساعات الانتظار الطويلة. نضع جل هذه التحديات تحت نظر الوزارة لتكثف جهودها بما يوفر تعليما نوعيا يضمن سلامة مخرجاته ويحقق الغاية الفضلى من الدور المعطى للوزارة الساعي لخدمة أبناء الوطن وكل من هم تحت مظلته التي لطالما خدمت الجميع دون استثناء.