اعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي د.وجيه عويس، أن الحل الجذري لإصلاح قطاع التعليم العالي يتمثل في تطوير نظام تمويلي متوازن ومستقر للجامعات الرسمية، بديلاً عن الآلية المتبعة حالياً. وأشار في دراسة قدمها إلى مجلس الوزراء حول التعليم العالي وتحدياته والحلول المقترحة للنهوض به، إلى أن الآلية المقترحة، تتركز على إعادة هيكلة الرسوم الجامعية وتوحيدها في جميع الجامعات الرسمية لكافة البرامج باستثناء البرامج الدولية. ولفت إلى أنه تم تكليف لجنة متخصصة لدراسة التبعات المالية لهذا المقترح، حيث تم التوصل إلى أن تطبيق هذه الآلية هو "أفضل الحلول". وتتمثل الآلية، في أن يتم في السنة الأولى توحيد الرسوم للبرنامجين العادي والموازي، في تخصصات الطب وطب الأسنان ودكتور صيدلة والصيدلة، للطلبة الأردنيين من حملة الشهادات الأردنية، إلى جانب تحديد السعر الموحد على أساس تخفيض رسوم البرنامج الموازي، وتعديل رسوم البرنامج العادي لمعدل مناسب يغطي على الأقل 60 % من التكلفة الفعلية لكل تخصص. وبين عويس أن اللجنة توصلت إلى أنه "بتطبيق هذه الآلية على التخصصات المشار إليها، ستنخفض إيرادات الجامعات بمبلغ لا يتجاوز (121771) ديناراً سنوياً يمكن تغطيته بسهولة". وأوضح أن اللجنة قامت بتطبيق هذه الآلية على جميع التخصصات في الجامعة الأردنية للوصول إلى مؤشر تقريبي لفارق الإيرادات، فتوصلت إلى أن إيرادات الجامعة ستزيد بنحو 900 الف دينار سنوياً، وهذه الزيادة ستتراكم في كل سنة لتصل الى حوالي (10-15) مليون دينار سنوياً في السنوات (الرابعة/ الخامسة/ السادسة (نهاية دورة التخرج للطلبة الجدد). ووفق الدراسة، سيحقق تطبيق هذه الآلية عدة فوائد، تتمثل في زيادة أعداد الطلبة الممكن قبولهم في البرنامج العادي، وبالتالي ستنخفض أعداد الطلبة الدارسين في الخارج، كما ستنخفض معدلات القبول الجامعية وتصبح جمعيها تنافسية، وستنخفض الرسوم بنسبة كبيرة من الطلبة الذين كانوا يقبلون في البرنامج الموازي. كما سيعمل على تحقيق المساواة في الرسوم الجامعية بين جميع الجامعات الرسمية، نظرا للتفاوت الكبير حالياً بين رسوم جامعة وأخرى في نفس التخصص، ويتم التوفيق نسبياً بين الرسوم الجامعية والتكلفة الفعلية لكل تخصص، وسيحظى القرار بتأييد شعبي لتحقيقه العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، نتيجة توحيد الرسوم وإلغاء البرنامج الموازي. وسيتوجه الدعم الحكومي لصندوق دعم الطالب، مما يتيح لجميع الطلبة الاستفادة من المنح والقروض. وحول أسباب تراجع مستوى التعليم العالي في الأردن، قال عويس إنه يعود إلى تدني مخرجات التعليم العالي، وإلى زيادة أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات خلال الأعوام الأخيرة، إذ من المتوقع أن تصل أعدادهم العام 2025 إلى حوالي 450 ألف طالب وطالبة. وبين أن ذلك جاء رغم محدودية الدعم الحكومي وعدم استقراره، وثبات الرسوم الجامعية لأعوام طويلة دون أن ترافق ذلك خطة شاملة لتخفيض أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعات وجذبهم نحو برامج التعليم المهني والتقني. وأشار إلى أنه يلتحق بالجامعات ما يقارب 95 % من خريجي الثانوية العامة، في حين يلتحق 5 % فقط في كليات المجتمع المتوسطة. وحول النتائج المترتبة على تزايد أعداد الطلبة في الجامعات، أشار الى اكتظاظ الطلبة في الشعبة الواحدة (100 - 500 طالب وطالبة في بعض الشعب). وأضاف أنه "بلغ إجمالي أعداد الطلبة في الجامعات الرسمية لمرحلة البكالوريوس خلال العام 2015/ 2016 (221.181) طالبا وطالبة"، مشيرا إلى أن الجامعات الأردنية الرسمية تضم حوالي (58.000) طالب وطالبة فوق طاقاتها الاستيعابية. ولفت إلى أن نسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس، ارتفعت إلى (80:1) في بعض التخصصات. وأردف بالقول: "أدى ذلك الى إرهاق أعضاء هيئة التدريس وعدم قدرتهم على إيصال المعلومات والتفاعل مع الطلبة، إضافة الى عدم تفرغهم للبحث العلمي، وتراجع مستوى الجامعات، إذ لم تحصل أي جامعة أردنية على مركز متقدم ضمن التصنيفات العالمية". كما أدى ذلك إلى ارتفاع مديونية الجامعات، نظرا لتدني مخصصات الدعم الحكومية وعدم استقراره، والنفقات الرأسمالية غير المنضبطة، وارتفاع تكلفة الطالب (لا تغطي الرسوم الجامعية سوى 25 - 30 % من التكلفة الإجمالية)، إلى جانب العشوائية في طرح تخصصات مكررة بمسميات مختلفة لاجتذاب الطلبة، ما أدى الى تزايد أعداد الخريجين في تخصصات مشبعة وغير مطلوبة في سوق العمل، وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين. أما ثاني أسباب تراجع التعليم العالي، فعزاه إلى التوسع في إنشاء الجامعات، واستحداث كليات جديدة، والمبالغة في إنشاء البنى التحتية (بلغت تكلفتها حتى يومنا هذا نحو 62 مليون دينار من المنحة الخليجية)، على الرغم من عدم توفر الإمكانيات والموارد اللازمة، وعدم مقدرة بعض الجامعات على دفع رواتب موظفيها، والعجز المالي الذي تشهده الجامعات وعدم توفر أعداد كافية من أعضاء هيئة التدريس، وغياب دور الأجهزة الرقابية. وفيما يتعلق ببند الحاكمية، قال عويس إن سبب ذلك هو "عدم استقرار التشريعات، وإجراء التعيينات دون الأخذ بالاعتبار معايير الكفاءة في جميع المستويات الأكاديمية والإدارية". وعزا رابع أسباب تدني التعليم إلى أسس القبول واعتماد علامة التوجيهي كمعيار وحيد للقبول الجامعي دون أن يتم ربطه بقدرة الطالب ورغبته، أو باحتياجات سوق العمل. أما السبب الخامس فعزاه عويس الى "الاستثناءات" التي قال إنها تشكل نسبة عالية من إجمالي الطلبة المقبولين، ولتحقيق الغاية من إقرارها، يتوجب تنظيمها والالتزام بالنسب المحددة لطلبتها بشكل يحقق العدالة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أنه تم مؤخرا إقرار الخطوة الأولى لتنظيم قبول طلبة المكرمة الملكية لأبناء العشائر والمدارس الأقل حظا. وأوضح أن سادس الأسباب هي الأوضاع المالية المتردية للجامعات الرسمية، لافتا إلى أن الآلية المتبعة حالياً في تمويل الجامعات الرسمية "غير مستقرة". وأشار إلى أنه "لا يمكن تجاهل هذه الأوضاع أو استمرارها، بعد أن أوصلت الجامعات إلى الوضع الحالي الذي يتلخص في العجز المستمر في موازنات الجامعات وتفاقم مديونياتها، حيث بلغ العجز المتراكم للجامعات العام 2015 حوالي 125 مليون دينار". كما أشار إلى الأعباء الإضافية على الحكومة والضغوط المستمرة عليها لزيادة الدعم الحكومي للجامعات، وعدم قدرة الجامعات على تنفيذ خططها وتطوير برامجها، ما نتج عنه تدني مستوى مخرجاتها، والرواتب المنخفضة لأعضاء هيئة التدريس، واعتماد الجامعات كلياً على البرنامج الموازي كمصدر أساسي لإيراداتها، دون الأخذ بالاعتبار سلبيات هذا البرنامج. ونوه إلى أنه "كان للقرار الذي أقرته الحكومة بالموافقة على استحداث البرامج الموازية العام 1996 نتائج سلبية على مستوى مخرجات التعليم العالي، وتكمن سلبيته في تخلي الحكومة عن واجبها بدعم الجامعات، حيث أضعف ذلك قدرة الحكومة على ضبط سياسات التعليم الجامعي، وقرارات الجامعات الأكاديمية والإدارية والمالية. وقال إنه لتعويض ما فقدته الجامعات الرسمية من دعم مالي حكومي، فقد ضاعفت أعداد الطلبة المقبولين في البرنامج الموازي لنسب غير مقبولة تفوق طاقتها الاستيعابية، ما أدى لإغراق سوق العمل بأعداد متزايدة من الخريجين تفوق احتياجاته، وارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين، كما أكدت النقابات المهنية المختلفة. وبين أنه بلغت نسبة الطلبة الملتحقين بالبرنامجين الموازي والدولي في جميع الجامعات الرسمية، حوالي 30 % من إجمالي أعداد الطلبة، بينما ارتفعت النسبة في بعض الجامعات إلى 41 %، وفي بعض التخصصات إلى 60 %.(الغد) أوائل-توجيهي أردني.