نيفين عبدالهادي -  أولويات التطوير والإصلاح التربوي، عنوان كبير لتفاصيل حساسة ودقيقة، يجب الأخذ من خلالها بكافة أعمدة وركائز العملية التربوية وعدم خط سطور إصلاحية على الرمال سرعان ما تزول، فالأمر بحاجة إلى دراسات وخطط تركز على الأولويات بدلا من إضاعة الوقت والجهد على ما هو غير مجد . ولعل الدفاع عن أفكار كسرتها هشاشة فحواها باستمرار لن يقود لأي منتج إيجابي، فتسليط الإهتمام على ناحية دون الأخرى حتما لن يحقق أي خطوات للأمام، تحديدا في المجال التروبي، إذ ما تزال الأفكار التي تطرح محصورة بأطر لم تأت أُكلها، فطالما انحصرت الكثير من الخطط بتطوير التوجيهي وتعدت جهود الإصلاح المعنية به، إلا أنها ركزت على المسائل الإجرائية «كعدد الدورات» في السنة، ولم تعالج مشاكل أعمق كالتركيزعلى التلقين وطبيعة الإمتحانات ذات المخاطر العالية وفق دراسة أعدها مختصون عام (2014)، أضف لذلك أنه في كل سنة وفق وزارة التربية والتعليم يرسب قرابة (60%) من الطلاب في امتحان التوجيهي، مما يتسبب بمئات الآلاف من الطلاب دون مسار تعليمي أو وظيفي واضح. الدخول بتفاصيل المشهد بناء على هذه الأرقام يقودنا نحو جوهر العملية التعليمية المتثمل في «المناهج»، فالأردن يحتاج إلى إدخال تغيير أساسي في عملية إعدادها لضمان تحديثها مع الاحتياجات الوطنية الحالية، وإعطاء المعلمين أفضل الأدوات لمساعدة أطفالنا على تحقيق النجاح، فالمناهج هي من أهم الأدوات التي نمتلكها لإعطاء الطلاب المهارات، وتطويرها بشكل تعمل به على إشراك الطلاب وإثراء مهاراتهم ومعارفهم أمر في غاية الأهمية، وينبغي أن يتم ذلك من خلال الخبراء الذين يعملون عن كثب مع الحكومة ولكنّهم مُستقلون عنها. وفي قراءة خاصة لـ»الدستور» حول واقع المناهج المدرسية، بدا واضحا وجود ثغرات عديدة تحتّم إيلائها أهمية ومنحها أولوية في خطط وزارة التربية والمعنيين، بالتالي يجب أن يكون هناك مناهج قوية بالمحتوى نوعا وليس كمّا، وتزويد المعلّم بالأدوات المناسبة للتعامل معها، ووجود شبكة تجمع مؤلفي المناهج وصولا لتنسيق عامودي وأفقي، واعتماد منهجية أن المنهاج وضع للطالب وليس للمعلّم وهي أيضا مسألة هامة جدا في ظل ما تتسم به منظومتنا التربوية بكونها مبنية على أساس «التعليم وليس التعلّم . ووفق متحدثين لـ»الدستور» فإن هناك اشكاليات متعددة في موضوع المناهج رغم جهود وزارة التربية في تطويرها بين الحين والآخر، ويبرز ذلك في ارتفاع نسبة الرسوب في التوجيهي إضافة إلى أن غالبية خريجي الجامعات الأردنية يدخلون سوق العمل دون امتلاكهم للمهارات المعرفية واللامعرفية مثل اللغة والعمل الجماعي وحل المشاكل، مشيرين إلى أن ضعف المناهج ومنهجية «التعليم لا التعلّم» قادت إلى ما كشفت عنه دراسة بأن ما نسبته (33%) فقط من المعلمين يشجعون الحوار والمناقشة في الفصول الدراسية و53% فقط منهم يستخدمون استراتيجيات التفكير الناقد، وهذا أيضا يتطلب وقفات إعادة تقييم والاستفادة من التغذية الراجعة لأثر المناهج الحالية على الواقع التربوي وعلى مخرجات التعليم المدرسي والعالي، لأن ذلك حتما سيقود لإلغاء الكثير من التشوهات الحاصلة في المنتج التعليمي. رئيس المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية الدكتور عبد الله عبابنه أكد أن الوضع الطبيعي  أن تكون المناهج قادرة على الاستجابة لمتطلبات المرحلة التي باتت تتسارع فيها التطورات التكنولوجية والفكرية، بالتالي يجب أن نرى إلى أي مدى تكون عملية تطوير المناهج مؤسسة وقادرة لإستجاباتها للعالم من حولنا ؟ ، لافتا إلى أنه إذا نظرنا إلى تجارب العالم المتقدم نرى ان المناهج متجددة باستمرار بحيث تلتقي مع متطلبات المرحلة، وتنضج معها وتقدم ما هو مفيد لصالح الطالب والبيئة التربوية. وقال د.عبابنة ،، من خلال تجربتي فان عملية بناء المناهج بالاردن تقود لأن نقول أن لدينا مناهج جيدة لكنها بحاجة الى مراجعة متجددة، ذلك أن مكوناتها لا تنسجم مع كل المستجدات، اضافة لكونها تحمل بعدا معرفيا لكنه بالمقابل على حساب نواتج التعليم، مؤكدا على ضرورة ان لا يكون هناك أهمية كبيرة لإعطاء المحتوى أكثر من النتائج، فهناك مناهج تتضمن محتوى كبيرا جدا لا يقدم شيئا سوى دواعي الحفظ، فهناك مبالغة في محتوى وفي حجم المناهج ونحن ما يمهنا عرض معقول لحجم المحتوى وأن يكون شديد الإرتباط بنتائج العمل والتركيز التحليلي النقدي ويكون مساحة جيدة للبعد المهني والقيمي لا بد من وجود توازن بين هذه الجوانب. من جانبه، رأى نائب رئيس جامعة الحسين الدكتور طلال الزعبي أن المناهج المحلية تحتاج إلى تحليل وتقييم وبيان بين الحين والآخر والتدقيق على مواطن القوة وتعزيزها والضعف ومعالجتها، لافتا إلى ضرروة تقصي هذه الجوانب، والتأكد من التنسيق الأفقي والعاموي للمناهج علما بأن هذا متطلب سابق لاي مفهوم في المناهج، موضحا أن التنسيق العامودي يعني  أن «يبنى لما قبله ويمهد لما بعده» وأن يعود مفهوم المادة الواحدة ضمن الصفوف المختلفة وما يدرسه في الصف الثالث على سبيل المثال يبنى عليه ما يدرسه الطالب في الصف السادس فنحن لا نعلم ما يحدث بالصف فهي غرف مغلقة يديرها المعلّم بأساليب لا نعرف طبيعتها وأدوات بسيطة، بالتالي يجب أن تكون المناهج مبنية على هذه الأسس ضمانا لنتائج إيجابية، مبينا أن غياب هذا الأمر عن المناهج هو ما فشل طلاب التوجيهي في الكثير من الإمتحانات التي تعتمد على مناهج سابقة، إذ لا يوجد بين مناهجنا تنسيق عامودي. أما التنسيق الأفقي فهو  بحسب الزعبي، التنسيق بين المواد على اختلافها وبذات المرحلة التعليمية، بمعنى أن تنسجم الرياضيات مع العلوم مع الجغرافيا، بالمعلومات المتوفرة بها، وهذا أيضا يساعد المعلّم بالتدريس، فقد تتحدث كتب متعددة عن «الضوء» على سبيل المثال، بالتالي يجب أن يكون هناك تنسيق بين المناهج لتحتوي ذات المضمون بالمحصلة، فلا بد أن يطرح موضوع تنسيق بين المواد على اختلافها في الصف الواحد سعيا لأن نجد مفاهيم قريبة من بعضها البعض. وشدد  على ضرورة أن تراعي المناهج متطلبات المرحلة العمرية والناحية النفسية والمعرفة العلمية للطلبة، والحالة الفكرية ومتطلبات المرحلة، وأن يركز المحتوى على مبدأ التعلّم، ذلك أننا في مناهجنا الحالية نركز كثيرا على التعليم وليس التعلّم- الدستور .

اوائل - توجيهي .