في جلستين، عقدتا خلال اسبوع لمناقشة واقع التعليم في الاردن (العام والعالي)، توافقت اراء المشاركين الى حد التماهي، رغم إختلاف فئاتهم، ففي الجلسة الاولى، كانوا من الشباب وفي المرة الثانية كانوا من فئة المعلمين والفنيين والاداريين العاملين في القطاع. ولم يقتصر التشابه على مضامين هاتين الجلستين، إنما وسبق ذلك العديد من الجلسات الحوارية التي تناولت واقع التعليم تشخيصا وتحليلا وما تتطلبه من حلول جذرية، فكانت متفقة في الطرح تشخيصا وحلولا. ويقود هذا الاستنتاج الى ان عمليات التشخيص واقعية، من حيث التأشير على نقاط الضعف وتحديد التحديات، الى جانب اقتراح الحلول، التي تدفع بإتجاه «ثورة بيضاء» لتطوير منظومة التعليم بدء من الطفولة المبكرة وانتهاء بالتعليم العالي. اتفاق شريحة واسعة من المستهدفين من العملية التعليمية من طلبة واولياء امور والقائمين عليها وكذلك مختصين على ضرورة التطوير والاصلاح، يتطلب تضافر الجهود والتعاطي معها كأولوية وطنية، لا السعي وراء انجازات شخصية، وان عملية التقييم، يجب ان يكون هدفها التحسين والتطوير. ولكن متى ستكون البداية، ومن سيكون المسؤول؟ خصوصا وان الحديث عن تطوير منظومة التعليم، والتي تتشابك في ادارته مؤسسات متعددة، وله ارتباطات وثيقة مع مؤسسات اخرى له دور في تحقيق الاصلاح المنشود. وتكمن الاجابة على الشق الاول للسؤال، في الخامس من الشهر المقبل، حيث ستطلق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، تحت رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، وهي الاستراتيجية التي أمر جلالة الملك بها لتطوير منظومة متكاملة للتعليم،بما يستوجب التنفيذ العملي للخطط والبرامج، وسرعة الإنجاز، ومواكبة أحدث المعايير الدولية، إضافة إلى تكاملية جهود تنمية القوى البشرية، وفق إطار عمل واحد. وحدد جلالة الملك مهام اللجنة المكلفة بوضع الاستراتيجية بإعداد استراتيجية وطنية ينبثق عنها خطة تنفيذية للأعوام العشرة القادمة تعنى بتطوير قطاعات التعليم الأساسي والتعليم العالي والتعليم التقني والتدريب المهني تحقيقاً لنقلة نوعية في قطاع التنمية البشرية، وتحديد مجموعة من السياسات الإصلاحية، التي من شأنها أن تدعم عملية التحديث والتطوير ومتابعة تنفيذ وتقدم سير العمل في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، لضمان تحقيق مستوى متقدم ونوعي لأهداف هذه الاستراتيجية. اما اجابة الشق الثاني، من المسؤول عن التنفيذ؟ فإن الاجابة عليه، بكلمة واحدة «الجميع»، إذ أن تحقيق الاصلاح المنشود والتطوير والمواكبة، تتطلب جهد جماعي تكاملي، وأن اي خلل في اي حلقة من حلقات العمل، سيؤثر سلبا على مجمل الاداء. وشهد قطاع التعليم بشقية العام والعالي، حراك خلال الفترة الماضية، وكان حاضر بشكل ملحوظ في أجندة الاعلام، وكانت الخلاصة أن الجميع يقر بضرورة إصلاح وتطوير التعليم في شقيه، وان الانتظار والتأجيل ما يزيد الواقع إلا سوءا، وجميع ذلك ينعكس على مخرجات العملية التعليمية، التي تعتبر عماد التنمية في الاردن المتمثل في الانسان الاردني، وخصوصا الشباب الذي يشكل الاغلبية. وخلال الجلسات النقاشية التي عقدت في إطار اصلاح التعليم العالي سواء تلك التي نظمتها لجنة تنمية الموارد البشرية او الجامعات او مؤسسات مجتمع مدني، تجاوز الحديث السقف التقليدي، ليرتقي الى أكثر نضجا من حيث التشخيص وطرح الحلول. ما ستخرج به لجنة تنمية الموارد البشرية من توصيات، تتطلب جهد وطني شعبي ورسمي لتحقيق المنجز والذي يتطلب تنفيذه ضمن مراحل متراكمة ومتكاملة، ما يتطلب ان تكون هذه الاولوية الوطنية حاضرة بشكل رئيسي على اجندة مجلس النواب الجديد، الذي سيتم انتخابه في العشرين من الشهر المقبل (..) وان يتم التعاطي معه كأولوية وطنية، لانها تستهدف اجيال المستقبل. بالامس حضرت جلالة الملكة جلسة نقاشية لمجموعة من التربويين نظمتها لجنة تنمية الموارد البشرية وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، حيث أكدت بأنه لا وقت نضيعه للبدء بإصلاح التعليم وان الحديث في هذا الاطار يجب ان يكون بصراحة ليس لانتقاد اشخاص او مراحل إنما لنتمكن من تحقيق الانجاز.(الرأي) أوائل-توجيهي أردني