ربط مواد الثانوية العامة بالتخصصات الجامعيّة هدفٌ جميلٌ تمت الإشارة له طوال السنوات السابقة ؛ والآن أصبح الأمر قابلاً للتطبيق بعد الإشارة إليه قبلاً بالاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2020 ؛ وأخذ الأمر سياق التنفيذ حينما بدأت وزارة التربية والتعليم تطويراً في تشريعات النجاح حيث يكون المعدل مجرد مؤشرٍ لا نتيجة نهائيّة ، ويتم التخلص من توزيع الطلبة على فروع كالعلميّ والادبيّ بل يمتلك الطالب خيارتهم المتكاملة مع التخصصات الجامعية ؛ ثم أعلنت الوزارة عن نيّتها تطبيق الدورة الإمتحانيّة الواحدة نهاية العام الدراسيّ المقبل مع دورة تكميليّة ؛ واصفة إياها بالرشاقة من حيث زخم المواد وعددها ، وطبيعة إلزاميّة دراستها ؛ لذا تقسمّت المواد بين موادٍ الزامية عددها خمسة ( لغتيّ العربي والانجليزي والرياضيات والدين وتاريخ أردن ) ومواد اختيارية تتناسب مع هدف الطالب المستقبليّ بالجامعة عددها ( 2 أو 3) .

 وجود فكرة الاختيار لدى الطالب مهمّة لإكسابه مهارة اتخاذ القرار واشعاره بمسؤولية اختياره ، وربط قرار المواد الاختيارية بالتخصص الجامعيّ يحقق لدى الطالب استشراف مستقبله وتحديد هدفه وهذا لا يقلّ جمالاً وقيمة .

على أنّ هذا الربط لن يتحقق دون تنسيقٍ مطوّل بين جهات العلاقة والتي تتنوع بين ( وزارتي التعليم والتعليم العالي ، وبين القبول الموحد والجامعات والنقابات وغيرها..) فتعيينُ تساؤلٍ مفادهُ ( ما حاجة طالب الطبّ مثلا بدراسة مادة الفيزياء أو ما حاجة طالب الحاسوب بدراسة مادة الجغرافيا) يترتب عليه تحديد ماهيّة المواد التي تتعلق بكل كلية وتخصص جامعيّ ؛ وهذا مناط بمؤسسات التعليم المذكورة أعلاه ؛ وطبيعيّ أن يتطلب وقتاً لتصميم منظومة الربط ، ويتطلب أيضاً تطويراً لتشريعات نجاح المرحلة الثانوية وأسس القبول ومعايير الاعتراف بالشهادة الجامعيّة ؛ فهل يمكن تحقيق ذلك خلال فترة وجيزة ...؟

بناءً على ما سبق ، ستكون الإدارات المدرسيّة مطالبة بفتح شعبٍ لطلبتها بناء على رغباتهم المستقبلية ، وهذا يعني وجود خيارات متنوعة في كواد المعلمين ، ولكن الواقع الميدانيّ دائماً ما يعيد تشكيل النظم الوزاريّة المحدثة بما يتناسب مع قوالبه التقليدية ؛ ولنا في نظام الحزم إشارةٌ حيث هدف لإكساب الطالب ثقافة البيئة الجامعية من خلال نظام الساعات والحزم وغيرها ؛ ولكن التطبيق الواقعي تعامل مع الأمر كتغيير مصطلحات لا تغيير فكرٍ وثقافةٍ ، فالحصة أصبحت ساعة والفصلُ مستوىً والحزم مجرد مواد اختياريّة ، ولذا غاب الهدف وبقيت الوسائل مزينّة بمصطلحاتها الجديدة ، والمتوقع أن يدخل طلبة الأول ثانوي على عامهم الجديد ثم يجدون مديراً ومشرفاً قد كرسّا وقتهم الثمين لوضع قوالب جاهزة للاختيار لن تختلف كثيراً بالنهاية عن (الفرع العلميّ و الفرع الأدبيّ) .

غالبيّة الوقت سيذهب للتنسيق مع مؤسسات التعليم الرسميّ ، رغم أن تجهيز القيادات التربوية ومجتمع المعلمين لا يقلّ أهمية لتحقيق الأهداف المرجوّة ، مع تقديم عرضٍ توضيحيّ للطلبة وأولياء الأمور كي يكونوا واعينَ للمبرات و مآلات هذا التطوير على مستقبل الطلبة .

التغييرُ ضرورةٌ والتطويرُ شرطٌ للتحسين المستمر في ظل عالمٍ متغيّر بتسارع كبير ؛ ولكنّنا تعودّنا أن نبدأ التغيير من قمة الهرم لا من قاعدتهِ ، رُبَما لأنّ القمة أكثر جاذبيّة ؛ تجذبنا مشاكلها ، وتجذبنا سهولة حلّها ؛ فالنفس البشرية تميل للانشغال بحل مشكلة تبدأ وتنتهي بسنة على أن تنشغل بمشاكل تتطلب عقداً من الزمن .

حسام عواد

 

خبر ذا صلة : تفاصيل مواد التوجيهي للعام القادم