نادين النمري -  ناقش نحو 100 من صانعي القرار والاقتصاديين وخبراء في تنمية الطفولة شاركوا في أعمال "منتدى الاستثمار في الأطفال الصغار عالميا" الذي انطلق أمس الأربعاء تحت رعاية جلالة الملكة رانيا العبدالله وبحضورها، سبل توجيه السياسات المتعلقة بالطفولة المبكرة لتحقيق السلم العالمي والعدالة الاجتماعية. وأكد خبراء أردنيون وعرب وأجانب خلال الجلسة الافتتاحية التي حضرها كذلك نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات ووزير العدل، وزير التنمية الاجتماعية بالوكالة الدكتور بسام التلهوني "أن الأطفال هم الأكثر تأثرا بالحروب، لكن المطلوب اليوم ايجاد السبل المبتكرة لتحويلهم من فئات أكثر ضعفا الى أدوات تغيير ايجابي". وأشاروا الى "أن الحروب تسببت بجعل نحو 60 مليون انسان لاجئين، نحو 49 % منهم من الأطفال، يعانون من كثير من التحديات بدءا من الاوضاع النفسية الى انقطاعهم عن الدراسة، وتعرضهم لانتهاكات عمالة الأطفال والزواج المبكر والاتجار بالبشر". واعتبروا انه لمواجهة هذه التحديات والمشاكل "يتوجب بذل مزيد من الجهود لضمان توفير الرعاية الأفضل للأطفال تحديدا، وضمان حقهم بالرعاية والتعليم، وتوفير ارضية من خلال المناهج والبرامج التربوية لضمان تنشئة جيل قادر على مجابهة المستقبل وبناء السلام عبر تعزيز مفاهيم التسامح والسلام وقبول الآخر". ويعد الاجتماع المنعقد في عمان بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" ومركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمية للأديان والحوار بين الثقافات، السابع من تسعة اجتماعات بعنوان "الحوار عن الاستثمار في الأطفال الصغار عالميا".  ويسعى المنتدى من خلال الحوارات التي تستمر ثلاثة ايام الى تعزيز التبادل المعرفي وتحديد الفرص لجذب الاستثمارات في تنمية الطفولة المبكرة، حماية لاحترام حقوق الانسان، والترويج للعدالة الاجتماعية واستمرارية السلام. واعرب ممثل منظمة الامم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في عمان روبرت جنكيز في الجلسة الافتتاحية عن تقديره لجلالة الملكة رانيا العبدالله، التي "تركز على الاهتمام برفاه الأطفال في العالم مستخدمة طاقاتها دون كلل أو ملل للتواصل مع الناس من أجل مناصرة ودعم مسيرة أجندة تنمية الطفولة المبكرة قدماً". وقال، إن "المنتدى يهدف الى العمل مع الشركاء لبحث امكانية توفير فرص نماء للأطفال ليكونوا اعضاء فاعلين في المجتمع، وتعزيز التوجيهات الايجابية لدى الاطفال". واضاف "في ايلول (سبتمبر) الماضي اتفق قادة العالم على جدول أعمال التنمية العالمية" التي تشمل التركيز على تنمية الطفولة المبكرة، والاعتراف بدورها في تحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي من خلال الأهداف الإنمائية المستدامة على مدى الأعوام 15 المقبلة.  وأضاف، "لدينا ادلة متزايدة حول الاستثمار في مرحلة الطفولة المبكرة باعتبارها واحدة من أكثر الطرق فعالية لتحقيق التنمية المستدامة"، مؤكدا ان الاستثمار لا يفيد الاطفال فقط انما ينعكس ويحقق فائدة للمجتمعات. وبين أن "اليونيسيف" في الاردن تلتزم العمل لتنمية وتحقيق الرفاه للأطفال إدراكا منها لدور الأطفال والشباب والأسر كأداة للتغيير وتحقيق السلام"، كما تعمل مع شركائها على التدخلات في مرحلة الطفولة المبكرة للحد من العنف وتعزيز السلام، وتوفير أساس قوي للأطفال وأفراد المجتمع المحلي.  وتابع "تشمل نشاطاتنا في الاردن تعزيز استخدام وسائل التربية التعزيزية والايجابية من خلال برامج الوالدية الصالحة، والحد من العنف ضد الأطفال والنساء، وتعزيز التماسك الاجتماعي والاندماج، والمرونة في جميع برامجنا". من جهتها قالت مستشارة "اليونيسيف" للطفولة المبكرة بيا ريبيلو بريتو إن "الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة هي قضية العدالة الاجتماعية لأن هذه الاستثمارات في وقت مبكر تعطي كل طفل فرصة عادلة في الحياة من البداية". وتعرضت الى الكلفة الباهظة للحروب على الطفولة، وقالت "تقدر الأمم المتحدة تكلفة الحروب سنويا بـ 14.3 ترليون دولار، اي ما يعادل 30.5 % من الناتج الاقتصاد العالمي، لكن كلفة الحروب على الاطفال أعلى بكثير ولا يمكن تقديرها، فهذه الكلفة تتزايد يوما بعد يوم. وتابعت "نحتاج الى نقلة نوعية في التدخلات المبكرة للاطفال، وايجاد حلول خلاقة، وأن ننظر الى الاطفال واليافعين والنساء ليس باعتبارهم فئات أكثر ضعفا إنما باعتبارهم ادوات لإحداث التغيير الايجابي". وشددت المستشارة الأممية على أهمية دور التنشئة في سنوات الطفولة الاولى وأثرها على الطفل وشخصيته عند البلوغ. وحول العلاقة بين الطفولة المبكرة والسلام، قالت "يتوجب العمل في هذا المجال على ثلاثة جوانب، الاول الرعاية والدعم والحب الذي يتلقاه الطفل في سنوات حياته الاولى، الى جانب التعليم المبكر والتربية وزرع قيم ومبادئ السلام والتسامح ونبذ العنف، وأخيرا التركيز على مفاهيم الوالدية الصالحة والحد من العنف في المنزل". ولفتت الى مبادرات تم تطبيقها في عدد من دول العالم والتي من خلالها "تم تحويل الاطفال الجنود الذين ساهموا في بعض الحروب الى مقدمي رعاية لغيرهم من الأطفال بعد توفير العلاج النفسي والسلوكي لهم". وأشارت كذلك الى مبادرات في الاردن تسعى الى تعزيز وحماية الطفولة المبكرة ومنها مبادرة "مكاني" والتي تسعى الى توفير فرص التعليم للأطفال المنقطعين عن المدرسة أو غير القادرين على الاندماج في التعليم النظامي، الى جانب ايجاد اماكن صديقة للطفولة يستفيد منها أطفال اللاجئين السوريين والاطفال الاردنيون. من جانبه قال المستشار في مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين الاديان والثقافات الدكتور محمد أبو نمر إن "الاشكالية الأبرز أن الاطفال اليوم في المنطقة العربية، وتحديدا في الدول التي تعاني من نزاعات "يشهدون الكثير من العنف والدمار، ولذلك أثر كبير عليهم وعلى نمائهم". وأضاف، "يضاف الى مظاهر العنف التي يعيشها الاطفال، ثقافة عامة ترفض التنوع وترفض الآخر وتسعى إلى إقصاء كل ما هو مختلف، هذه الثقافة تعززها وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي" فضلا عما يتلقاه الاطفال في بعض المؤسسات التعليمية والبرامج التي تدعو الى التطهير العرقي الديني. وتابع "يضاف الى ذلك ما يعاني منه الاطفال في مناطق النزاع من ضعف في البنية التحتية، ونقص في الاستجابة للاحتياجات الصحية والتعليمية، تلك الظروف مجتمعة تؤثر حتما سلبا على اجيال المستقبل". وقال أبو نمر "نحتاج الى كسر دورة العنف ورفض الآخر في مرحلة مبكرة من عمر الطفولة، والى جهود رسمية اكبر لترسيخ قيم التسامح وتقبل الآخرين ونبذ التمييز ونبذ الفكر الاقصائي". وشدد على اهمية تعزيز أفكار التنوع وزرع التفكير النقدي لدى الاطفال، وتعزيز فكرة تحمل المسؤولية وعدم تحميل المسؤولية والأخطاء للآخرين وحل المشاكل ذاتيا. وبين ان المركز عمل على إصدار دليل يتضمن شرحا لمفاهيم التسامح وتقبل الآخرين، لافتا الى أن الدليل وهو تجريبي حاليا تم توزيعه على عدد من المعلمين ليتم تطبيقه في المدارس، معربا عن امله في أن "يتم التواصل بشكل رسمي لاعتماد الدليل او مضامينه مع وزارة التربية والتعليم في الاردن".  من ناحيته عرض الرئيس التنفيذي للشبكة الشرق اوسطية للصحة العامة الدكتور أحمد النسور لديموغرافية اللاجئين في العالم، لافتا الى ان سورية تعتبر أكبر مصدر للجوء والنزوح مع وجود نحو 4.2 مليون لاجئ ونازح. وبين انه "في العام 2014 ارتفع عدد اللاجئين الى 60 مليونا بالمقارنة مع 37 مليونا في العام 2005، فيما يشكل الاطفال 49 % من لاجئي العالم". وبين أن "90 % من اللاجئين السوريين في دول الجوار (الاردن، لبنان، تركيا، العراق ومصر) يعيشون في المجتمعات المضيفة خارج مخيمات اللاجئين". وتتابع "بإمكاننا ملاحظة آثار الهجرة القسرية على الاطفال السوريين، لجهة ارتفاع نسب وفيات الأطفال، والاصابة بالامراض والاعاقة، وانفصال الاطفال عن أسرهم ومقدمي الرعاية، والتبعات النفسية التي تلحق بالاطفال نتيجة للحرب، الى جانب عمل الاطفال والزواج المبكر والاتجار بالبشر. وتطرق النسور الى بعض الاحصائيات كعدم تمكن نحو 48 % من اطفال اللاجئين من الدخول الى المدرسة وتدني نسبة الأسر اللاجئة الآمنة غذائيا والتي تبلغ 14 % فقط. وفيما يتعلق بالرعاية الصحية للاجئين وأطفالهم في دول الجوار، بين النسور أن "الخدمات الصحية في دول الجوار مجانية أو بأسعار رمزية، لكن نظام الصحة العامة في تلك الدول تأثر سلبا لتزايد الاعباء الملقاة على عاتق العاملين في الخدمات الطبية والنقص في المعدات الطبية". وقالت ممثلة المراكز الوطنية الاكاديمية في العلوم والهندسة والطب آن ماستن "لاحقا للنجاح في تخفيض عدد الوفيات الرضع، فإن الوقت آن للمضي قدما للتطلع الى ما بعد النجاة"، مبينة انه "من خلال تطبيق الدروس المستفادة في الأردن، يمكننا استخدام برامج وسياسات مماثلة لتحسين حياة الأطفال في انحاء العالم وزيادة وعي المجتمعات في المستقبل." وتابعت "يؤكد العلم بأن السنوات الأولى للطفل هي في غاية الأهمية للتعزيز المعرفي وتنمية الادراكات الاجتماعية والعاطفية وترسيخ الاساسات لحياة صحية وتنمية اقتصادية، مؤكدة ان الاستثمار في الأطفال الصغار له معدل عائد مرتفع، تشمل تحسنا في الصحة، واكمال الدراسة والتعامل مع الأطفال وزيادة فرصهم الاقتصادية عند الكبر. وبحسب بيان صادر عن "اليونيسيف" تم اختيار الأردن لاستضافة المنتدى لالتزامه بحقوق الطفولة المبكرة والشباب، وإشراك صوت الشباب من خلال قرار الأمم المتحدة حول الشباب والسلام والامن.  وأشار البيان انه "لأول مرة يكون المنتدى للاستثمار في الأطفال الصغار والشباب إلهاما لولي عهد الأردن في مؤتمر الشباب الذي أقيم في آب (اغسطس) 2015، وكذلك لإعلام المؤتمر الإنساني الذي سيعقد في إسطنبول في إيار (مايو) من هذا العام - الغد.

اوائل - توجيهي أردني .