بسم الله الرحمن الرحيم المحتويات أولاً: تمهيد لا بد منه... ثانياً: مفهوم التطوير التربوي 1. المناهج وفلسفة المجتمع 2. بماذا يُعنى التطوير التربوي 3. بين المنهاج/ المناهج والكتاب/ الكتب المدرسية 4. بين العمومية والتخصصية والمؤسسية ثالثاً: كتب التربية الإسلامية 1. مرتكزات مناهج التربية الإسلامية 2. القرآن الكريم والمناهج 3. دراسة كتب التربية الإسلامية رابعاً: كتب اللغة العربية 1. مرتكزات مناهج اللغة العربية 2. دراسة كتب اللغة العربية خامساً: ملاحظات ختامية أولاً:تمهيد: لا بد منه: هده الدراسة في قضية التربية أو ما عرفت ( بتطوير المناهج) قد تّم إعدادها أثناء الزخم الإعلامي والمشاركة المجتمعية في هذه القضية ولم تنشر في حينه متوقعا أنها قد وصلت إلى النهاية الايجابية، إلا أنها ما زالت تتجدد من حين لآخر، وثمة أمر آخر، إنني كثيراً ما أُسأل عن هذه القضية، في مختلف الندوات والمناسبات، مما دفعني للعودة إليها وتهيئتها للنشر، مبينا ما يلي: 1. أنها وجهة نظر تربوية في جوهر الموضوع، وبالتأكيد هي ليست ردّاً على أي وجهة نظر أخرى سبق نشرها من قبل العديد من الزملاء التربويين ومن قادة الفكر والمجتمع المهتمين بالتربية، باعتبارها قضية مجتمعية وطنية، فالمجتمع الأردني الذي يتمتع بنسبة عالية من ( مستوى القرائية) –literacy – قادر على التعامل مع مختلف وجهات النظر برؤية ذات ثقافة ومحاكمة فكرية. 2. يتفق معظم التربويين على انه لا يمكن إن يكون لأي قضية تربوية وجهة نظر وحيدة تمثل الرأي القاطع فيها أو ما يُعبر عنه باللغة الإنجليزية (clear cut) فذلك يعتمد على التقييم الموضوعي والفكري لوجهات النظر بما يتفق مع ( الصالح العام) للمجتمع. 3. تقتضي الموضوعية في معالجة القضايا التربوية اعتماد المنهجية العلمية التي تتناقض مع (المنهجية الذاتية) -subjective- ولا تقبل أسلوب ( الأستاذية ) في الرأي. ويحضرني في هذا المجال استأذنا في (الفلسفة التربوية) البروفسور ( فيليب فينكس) – Philip Phenix- بكلية المعلمين – جامعة كولمبيا (توفي عام 2002 عن 87 عاماً) Teachers College, Columbia Un. في توجيهاته:(تذكروا إن التربية فكر أنساني لا تنتهي عند رأي أو فكر بعينه، وتتطلب التعمق والتفاعل مع منظومة (الوعي والإبداع والذكاء) من اجل (الصالح العام) وهذا يؤكد أهمية المنهجية العلمية والتخصصية في معالجة القضايا التربوية . 4. يتفق معظم التربويين على إن التربية لا تعمل في فراغ فهي تتفاعل مع المجتمع، تأثراً أو تأثيراً، والتغيير هو سمة المجتمعات المعاصرة، بجميع نظمها، ومنها النظام التربوي ولعل أهم عنصر من عناصر النظام التربوي أو مدخلاته هو ( المنهاج) الذي يّعرف بأبسط عبارة ( بأنه الحياة) فإذا ما قيل إن التطوير التربوي وتطوير المناهج بالذات هي من الأمور المجتمعية الحياتية التي لا يجوز إن تتوقف فأن ذلك يعني الاهتمام بإعداد الإنسان وصوغ شخصيته، وتمكينه فكريا ومهارياً وسلوكياً، ليكون مستقبلي الاتجاه، وعالمي التفكير والرؤى، ومحلي الأداء والانجاز. فعملية (تطوير المناهج) عملية مجتمعية وتشاركيه ومستمرة وتخصصية وذات منهجية علمية من اجل (الصالح العام). 5. وأخيراً : فقد اعتمدت هذه الدراسة على مرجعية محددة، تتمثل في التشريعات التربوية المتعلقة بفلسفة التربية وأهدافها العامة وأهداف مرحلة التعليم الأساسي والخطوط العريضة لمناهج مبحثْي : التربية الإسلامية واللغة العربية وكتب هذين المبحثين لعامي (2015) و (2016) والتي أخضعتها للدراسة والمقارنة من (الجلدة إلى الجلدة) كما يقال ، وكما سيأتي في الفقرات التالية. ثانياً: مفهوم التطوير التربوي: 1. المناهج وفلسفة المجتمع: * ترتبط المناهج إلى حد كبير بفلسفة المجتمع وثقافته، كما أنها مصدر القوة للمجتمع، وتعتبر من أعمال السيادة الوطنية والأمن القومي أو الوطني. وإذا كانت التربية هي الأداة لتحقيق التنمية البشرية وتؤدي دوراً هاماً في تحقيق التنمية الشاملة، فأن المناهج هي العنصر الأهم في مكونات التربية أو العملية التربوية لتحقيق أهدافها إعداداً للمواطن أو المتعلم، وصقلاً لمواهبه، وتنمية لقدراته وحفزاً لطاقاته. وتحرص النظم التربوية على مراجعة مناهجها، تحليلا وتقويماً للتعرف على مكامن القوة ومواطن الضعف فيها، من اجل الارتقاء بها، تعديلاً وتجويداً وتجديداً وتطويراً، حرصاً من النظام التربوي على تأدية دورة في إعادة صوغ شخصية المتعلم وتعديل سلوكه، وتمكينه من التفاعل مع مجتمعه بكفاءة وفعالية عاليتيْن. ومن ناحية مجتمعية فأن المجتمع يعهد إلى التربية، ومن خلال المناهج ، مهمة تعزيز منظومة القيم المجتمعية، والتفاعل مع المعطيات الثقافية، والانفتاح على الحضارة الإنسانية الواحدة، والإسهام في معالجة القضايا العالمية المعاصرة. ولما كانت سمة المجتمعات المعاصرة هي ( التجدّد والتغيرّ) ، فأن من البدهي إن تكون المناهج من متطلبات هذا ( التجدد والتغيّر) إن لم تكن من أولويات تلك المتطلبات هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، فأن النظم التربوية التي لا تخضع نفسها، وبخاصة مناهجها للمراجعة والتقييم بهدف (التجدد والتغير) تصاب بالتخلف والماضوية وضعف القدرة على مواكبة المستجدات والمتغيرات العالمية والثقافية والتكنولوجية وبخاصة الرقمية. ويمكن إن توصف عملية (التجدد والتغيّر) للنظام التربوي بعملية (التطوير التربوي). 2. بماذا يُعنى التطوير التربوي: يعني التطوير التربوي بأحداث التغيير الذي يهدف إلى الإصلاح في مختلف مكونات النظام التربوي: مدخلات وعمليات وتقييما للمخرجات وتغذية راجعة لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة بكفاءة عالية والى تحسين كفاية فعالة في أداء النظام التربوي. ويمكن إن يكون التطوير التربوي عملية شاملة لجميع مكونات النظام التربوي. أو محددة تقتصر على جانب أو أكثر من مكونات النظام. ويمكن القول ان ( عنصر المناهج) في النظام التربوي هو الأكثر اهتماماً في مجال التطوير التربوي باعتباره منظومة ذات مكونات تشمل: الأهداف، والمحتوى، والأساليب، والتقويم : أ- فالأهداف تكون مستمدة من الفلسفة التربوية ومنسجمة مع الأهداف العامة للتربية، ومتسقة مع أهداف المرحلة التعليمية ومحققة لأهداف المبحث. ب – المحتوى يشمل المادة التعليمية للمبحث، وغالبا ما يكون الكتاب المدرسي هو الوعاء الذي يحتوي على ذلك، في النظم التي تعتمد ( الكتاب الموحد) وله مواصفاته ومتطلباته من مادة تدريسية، وتمارين و أنشطة وتطبيقات تراعي المعايير المحددة مثل مراعاة الفروق الفردية، وتدرج المهارات العقلية، الاستيعاب والفهم والتحليل والتركيب وتأكيد مهارات التفكير والتفكير الناقد. ج- الأساليب ترتبط بتلك المهارات التي تتطلب معلماً مؤهلاً قادراً على التدريس الفعّال وغير التقليدي أو التلقيني د- إما التقويم، فيعتمد على التمارين العقلية التي تتضمنها كل وحدة دراسية إضافة للتمارين التي يعدها المعلم المؤهل. 3- بين المنهاج/ المناهج والكتاب/ الكتب المدرسية: يعني تطوير المناهج إحداث تغيير أو تجديد أو تحديث لمنظومة (الفلسفة التربوية والأهداف العامة للتربية وأهداف المرحلة التعليمية ثم أهداف المبحث الدراسي)، إما إذا ما طال ذلك احد مكونات المنهاج فأن ذلك يعني تطوير ذلك المكّون، وغالبا ما يتعرض المحتوى أو الكتاب المدرسي لأي من إعمال:التغيير أو التجديد أو التحديث. وفي جميع الحالات، تتم تلك العمليات وفق منهجية محددة من حيث المتخصصون والفنيون وذوو الخبرة في مجالات المنهاج المستهدف، وعلم النفس والمناهج وأساليب التطبيق/ التدريس والقياس والتقويم. وان وجود إي ثغرة في هذه المنهجية تجعل العملية التطويرية، مهما كان مستواها موضع التقييم والمحاكمة الفكرية. 4. بين العمومية والتخصصية والمؤسسية: لما كانت التربية بمجملها، قضية وطنية مجتمعية، فأن من حق المواطن، مهما كان مستوى تأهيله الأكاديمي أو العلمي، إن يكون له رأي في عملية التطوير التربوي، أو تطوير المناهج، أو تطوير الكتب المدرسية. وهذا يشكل الرأي العام والذي يوظف للإفادة منه في عملية التطوير ولكنه لا يعتد به كرأي تربوي وهذا ما يمكن إن يطلق عليه بالآراء العامة، أو عمومية الاهتمام بالموضوع. إما الجانب التخصصي فيتوقف على دور المتخصصين في الموضوع قيد التطوير أو دور المتخصصين في إي من مجالات التربية: كعلم النفس، المناهج، الأساليب والتقييم وغيرها من مجالات التربية وهو ما يمكن إن يطلق عليه بالرأي التخصصي وهو الذي يكون موضوع الحوار والنقاش بهدف الوصول إلى الرأي الأقرب للقبول أو الاقتناع ذلك انه لا يمكن التسليم بأن ثمة رأيا واحداً هو الرأي القاطع، فالتربية من العلوم الاجتماعية التي تحتمل أكثر من وجهة نظر، وأكثر من رأي ويرجع الأمر لحكمة المعنيين بالتطوير مباشرة وخبرتهم وسعة اطلاعهم ولا يمكن الإدعاء بأن رأياً ما هو (القول الفصل) في مجال التربية، هذا إذا ما اتفق بشكل عام، إن الموضوعية/ المنهجية العلمية في الأمور تستبعد تلك الادعاءات كما تستبعد الاعتداد بالرأي الذاتي. وأما الجانب المؤسسي ، فيتوقف على دور المؤسسات الأكاديمية مثل كليات ومعاهد التربية في الجامعات ومراكز البحوث والدراسات المتخصصة وبخاصة تلك المراكز المستقلة والأخرى غير الربحية، والتي تكون قد اكتسبت ثقة وقبولا مجتمعيا ، وتخصصيا أيضا. * وهذه المقدمات، تمثل المدخل إلى الموضوع الشائك الذي شغل الرأي العام والمجتمع الأردني بمختلف أطيافه الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية، وهو ما أطلق عليه ( تطوير المناهج) أو (المنهاج المطورّ) أو (الكتب الجديدة) وأصبحت موضع اهتمام الرأي العام والرأي المتخصص، مع غياب الرأي المؤسسي، بكل أسف. مستذكراً في الوقت نفسه أستاذ الفلسفة التربوية (فيليب فينكس)حيث كان يؤكد علينا (إذا ما أردت مناقشة إي موضوع تربوي فلا تكتفِ بما كتب الآخرون بل أرجع إلى المصدر و أخضعه للمحاكمة الفلسفية والعقلية وقدم وجهة نظرك بموضوعية، وتذكر إن التربية ترتبط بالديمقراطية واحتمالية صواب الرأي الآخر). * ويمكنني القول إنني تابعت معظم ما كتب ونشر حول موضوع ( المناهج) سواء أكان رأياً عاماً أم متخصصاً، أم مجتمعيا وجاءت معظمها نابعة من حرص مجتمعي على أهمية تنشئة الجيل المتعلم بما يمكنه من امتلاك منظومة القيم المجتمعية، وصوغ شخصيته، فكراً وسلوكاً، ليكون مواطنا مستقبلي الاتجاه والتوجه، علمي التفكير والمنهجية، عالمي الفكر ومحلي الفِعل، ليكون قادراً على الإبداع والابتكار والتنافسية في عالم يسوده الصراع بين ( التعلم والجهل) وبين (التقليد والتجديد) وبين (الأصالة والمعاصرة) وبين (التهجئه والرقمية) وأخيراً بين (العلم أو الكارثة) على حد تعبير المؤرخ الفيلسوف البريطاني ( ارنولد توييني). وحتى أكون منسجماً مع توجهاتي الموضوعية، فقد اتصلت مع الأستاذة مديرة إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم وزودتني مشكورة بالكتب المدرسية لمرحلة التعليم الأساسي لمبحثي:التربية الإسلامية واللغة العربية لعامي (2015) و (2016) مع مصفوفة ( الأهداف والنتاجات التعليمية) لمبحث اللغة العربية وكانت رحلتي مع هذه الكتب القديمة والجديدة شاملة ودقيقة لجميع صفحاتها ومحتوياتها لتكوين رؤية تربوية شاملة بشأن هذه القضية المجتمعية الهامة ثالثاً : كتب التربية الإسلامية: 1- مرتكزات مناهج التربية الإسلامية: ترتكز مناهج التربية الإسلامية في النظام التربوي الأردني على ما يلي: أ- الفلسفة التربوية: أكد قانون التربية والتعليم (الساري المفعول) على الإيمان بالله والمثل العليا للأمة العربية والحض على العلم والعمل والخلق، وتشكيل ضمير الفرد والجماعة من خلال مبادئ والقيم واحترام الإنسان وإعلاء مكانة العقل، فكراً وسلوكا وبناء الشخصية الوطنية والقومية الإسلامية والانفتاح على الثقافات العالمية. ب – الأهداف العامة للتربية: تضمنت الأهداف العامة للتربية التأكيد على استيعاب الإسلام عقيدة وشريعة، والانفتاح على ما في الثقافات الإنسانية من قيم واتجاهات حميدة جـ - أهداف مرحلة التعليم الأساسي: أكدت على إعداد المواطن متوازن الشخصية والنمو الملّم بتاريخ الإسلام ،مبادئ و شعائر وإحكاما وقيما، ويتمثلها خلقا ومسلكا. 2- القرآن الكريم والمناهج: تعنى المناهج العربية والإسلامية بتعليم القرآن الكريم. ويتركز ذلك في مناهج مبحثي: التربية الإسلامية واللغة العربية، باعتبار القرآن الكريم ( المرجع) للأمة دينياً ولغوياً. وان القران جملة وتفصيلا يهدي إلى التي هي أقوم، فجميع آياته معالم هداية وتقييم سليم للفكر والسلوك. ففي مناهج التربية الإسلامية وكتبها تدرس آياته من خلال أمرين جوهريين: الأول هو السياق العام للسورة القرآنية واستيعاب التصور الإسلامي لذلك السياق والمشهد الثاني هو أسباب النزول والإفادة منها لتفسير الحاضر والموقف التعليمي ولا يجوز اجتزاء كلمة بمفردها وتحميلها ما لم تحتمل مثل (ويل للمصلين)! أو (فاقتلوهم) إن مثل هذا الاجتزاء يتنافى مع رسالة القرآن الكريم(يهدي للتي هي أقوم). إما في مناهج اللغة العربية فتدريس الآيات القرآنية يهدف إلى معرفة الإعجاز القرآني والتصوير الفني البليغ واكتشاف المكنون اللغوي في البلاغة والتعبير والنحو وغير ذلك من الفن الأدبي ولا يتم تدريس مهارات اللغة دونما أمثلة قرآنية وآيات كريمة كنصوص أدبية رفيعة المستوى. 3- دراسة كتب التربية الإسلامية: أ- يمكن القول إن التطوير في مبحث التربية الإسلامية اقتصر على إعادة التأليف بمنهجية مختلفة ـ فجاء العمل تطويراً للكتاب المدرسي، حيث اجتهد المؤلفون أسلوباً مختلفاً عن الأسلوب السابق ونهجاً جديداً في عرض المادة التعليمية، وتبسيطاً للتعبير بعبارات تراعي المستوى التعليمي، ونقلاً للموضوعات من مستوى إلى أعلى، واستشهاداً بآيات أخرى، وجميع الآيات القرآنية تهدي للتي هي أقوم ، واستخدامها يتوقف على الموقف التعليمي – ألتعلمي. ب – جاء الكتاب الجديد ( المطوّر) منسجما مع مرتكزات الفلسفة التربوية والأهداف العامة للتربية، وكذلك أهداف المرحلة، التعليم الأساسي: فثمة قيم سلوكية مثل آداب الاستئذان، عدم الإسراف في استخدام الماء، فضل الصدقة، إفشاء السلام، وحماية البيئة، وبر الوالدين....الخ كما ركَز ( الكتاب المطوّر)على منظومة ( التلاوة والفهم والحفظ) للآيات أو السور القرآنية ولم يقتصر ذلك علــى (الحفظ). جـ- ويلاحظ إن منهجية التأليف في (الكتاب المطّور) قد اختلفت عن (الكتاب القديم) الذي اعتمد بدءاً من الصف السابع الأساسي وحتى العاشر الأساسي ، منحى (الوحدات) المتكررة مع التوسع والتعمق في مفردات كل وحدة تعليمية، مثل العقيدة، بحيث يستمر تقديم المفردات نفسها بتوسع وتعمق، وهو منحى مقبول اجتهادياً ومتبع منهجياً بما يسمى (النمط الحلزوني) أما (الكتاب المطوّر) فقد اخذ منحى آخر، وان اتفق الأسلوبان على قدر كبير من المفردات أو الموضوعات، فاعتمد اختيار موضوعات تحقق الأهداف التربوية. فثمة موضوعات حول إخطار الانحراف والتطرف، وأهمية العمل بروح الفريق، ومعالجة القضايا الاجتماعية كالتسوّل وكفالة اليتيم والرفق بالحيوان ، واحترام العهود والمواثيق. د - لقد حرصت الكتب المطورّة على عرض موضوعات ذات أهمية تتعلق بمنظومة قيميه مثل: أمة الخير من أخلاق المسلم، فضل العلم والعمل به، أهمية الجهاد في الإسلام ومفاهيمه المتعددة: جهاد النفس،والمال ، والعلم والدفاع عن الوطن وحمايته وكان من الحكمة نقل هذا الموضوع للصف العاشر كما حصل فعلا وربطا لمفاهيم التربية الإسلامية بالحياة المعاصرة فقد اشتمل الكتاب المطوّر على ترسيخ مبادئ الانتماء والمواطنة وتحمّل المسؤولية والتسامح والتعايش في المجتمع، فجاءت موضوعات مثل الموقف الايجابي للإسلام من المعتقدات الأخرى، وسماحة الإسلام. وجاءت مكانة الأردن التاريخية بالتعريف بشهداء الصحابة على ثرى الأردن كمعركة مؤتة وتعرض الكتاب المطوّر لمسألة الإرهاب باعتباره يتنافى مع السلم الاجتماعي، وامن المجتمع، والممتلكات العامة والخاصة. هـ- ومن الأهمية إن يشار في هذا المجال، إن كل موضوع كان معززاً بآيات قرآنية وأحاديث نبوية جاءت ملائمة للموضوعات وفي صلب المادة التعليمية. ونؤمن جميعاً إن القرآن الكريم، بجميع آياته وكلماته ( يهدي للتي هي أقوم) ولا يختلف اثنان على ذلك. فإذا ما اجتهد المؤلفون لاختيار الآيات والأحاديث فأنهم يستخدمون علمهم وفهمهم ودراساتهم في ذلك. ولا يجوز بأي حال من الأحوال مقارنة الآيات في الكتاب المطورّ مع الآيات في الكتاب القديم، كماَ ونوعاً، أليست بآيات قرآنية مشمولة (بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم). والخلاصة، إن سلسلة كتب التربية الإسلامية المطورّة جاءت منسجمة مع المعايير المتفق عليها: وهي فلسفة التربية وأهدافها العامة، وأهداف المرحلة التعليمية، كما جاءت محققة للأهداف السلوكية التي يرمي إليها منهاج التربية الإسلامية في صوغ شخصية متوازنة النمو الروحي والعقلي أو الفكري، تدرك المفاهيم وتكتسب القيم وتمتلك المهارات الحياتية في السلوك والعمل. رابعاً: كتب اللغة العربية: 1- مرتكزات مناهج اللغة العربية: ترتكز مناهج اللغة العربية في النظام التربوي الأردني على ما يلي: أ- الفلسفة التربوية: أكد قانون التربية والتعليم: إن اللغة العربية ركن أساسي في وجود الأمة العربية وعامل من عوامل وحدتها ونهضتها التي تعبر عنها مبادئ الثورة العربية الكبرى لتحقيق الاستقلال والتحرر والوحدة والتقدم والقدرة على التحدي الصهيوني. ب – الأهداف العامة للتربية: تضمنت الأهداف العامة للتربية التأكيد على تمكين الطلبة من استخدام اللغة العربية في التعبير عن الذات والاتصال مع الآخرين بيسر وسهولة، ومن الاستيعاب الواعي للحقائق والمفاهيم وعناصر التراث لفهم الحاضر وتطويره والتفاعل مع الثقافات محليا وعالميا. جـ - أهداف مرحلة التعليم الأساسي: أكدت على تمكين الطلبة من إتقان المهارات الأساسية للغة العربية بحيث يتمكن من استخدامها بسهولة ويسر باعتبارها أداة للفكر والتعرف على الحقائق المتعلقة بالبيئة العالمية وتذوق الجوانب الجمالية في الفنون والآداب وقواعد السلوك. 2- دراسة كتب اللغة العربية: أ – على ضوء مرتكزات مناهج اللغة العربية أنفة الذكر فقد تم إعداد مصفوفة تربوية لترجمة تلك المرتكزات إلى أهداف سلوكية أو تعليمية- تعلميه مع النواتج المتوقعة لمبحث اللغة العربية، ولدى دراسة تلك المصفوفة ومراجعة كتب اللغة العربية القديمة والجديدة بجميع وحداتها وموضوعاتها يمكن القول أن الكتب الجديدة اقرب ما تكون إلى (إعادة التأليف) مع الاستفادة من محتوى الكتب القديمة، واستخدام المؤلفين لخبراتهم وقدراتهم الأكاديمية والفنية ورؤيتهم لاختيار لمحتوى المناسب وإمكانية تبسيط المحتوى ومراعاته لمستوى النمو العقلي والمعرفي خلال مرحلة التعليم الأساسي. ب – ومما لا خلاف فيه إن من أهم مراجع اللغة، مهارات وإعجازا وتعبيراً فنيا وأدبيا هو القرآن الكريم. والذي تعتمد الآيات المختارة لغايات الإعجاز اللغوي والتذوق الأدبي والتصور الفكري ولذا فأن الاستشهاد بالآيات القرآنية في تدريس اللغة العربية من اغني المداخل لهذه الغاية. وعادة ما يختار المؤلفون الآيات التي تناسب المقام وتحقق الهدف التعليمي، ولذا لا يقيم الكتاب المدرسي بعدد الآيات القرآنية الواردة فيه، كما لا يكون من المنطق إن يقارن ذلك بكتاب سابق. وفي حالة كتب اللغة العربية التي خضعت للتطوير أو التحديث، فأن تقييمها يتم على أساس مدى انسجامها مع الفلسفة التربوية المعتمدة، ومدى تحقيقها للأهداف العامة للتربية، ومدى ارتباطها بأهداف المرحلة التعليمية ولأهداف السلوكية المشتقة منها، ومع ذلك فأن الكتب القديمة قد استخدمت كمرجع للإفادة منه في إعداد محتوى الكتب المدرسية وليس بالضرورة إن يكون ثمة تطابق في المحتوى، أو حرص على ما ورد في تلك الكتب من نصوص وعبارات وأسماء وكلمات، بقدر ما يعني الكتاب بتحقيق الأهداف والمهارات اللغوية وإعمال العقل والتفكير والتحليل الناقد/ وتأمل ما في الثقافات العالمية من قيم إنسانية، فضلا عن استيعاب القيم العربية الإسلامية وبتحقق ذلك من خلال المحتوى أو المادة التعليمية –التعليمة التي يشمل عليها الكتاب المدرسي. جـ- واستعراضا للكتب المطورة للصفوف الأربعة الأولى فأنها تعنى بالمهارات اللغوية الأساسية بالدرجة الأولى وفي الوقت نفسه تغرس قيما إنسانية منذ الصغر/ مثل بر الوالدين( ما اغلي عيوننا)، التواضع الإنساني(تعريف بدور الممرضة)/ التعريف بالوطن ( العقبة مثالا) و (وطني الأردن). وحرصت كتب هذه الصفوف على تزويد الطلبة بجرعة مناسبة من المعرفة العلمية(الهاتف الذكي)، والمعرفة الثقافية (شعوب من العالم) والتعريف بالتراث و منجزات العلماء العرب(علماؤنا) والتعريف بالسلوك الغذائي (الغذاء المتوازن) وهي نماذج مدعمة بآيات قرآنية مناسبة، وبتمارين لغوية لتعزيز المهارات الأساسية للغة العربية والتدرج في مستوى تلك التمارين لتحقيق مهارات الاستيعاب والفهم وحل الأسئلة الملائمة. د-وفي استعراض كتب الصفوف الأعلى، فقد حرصت الكتب المطورة على إبراز الجمال اللغوي( للغة الضاد)، اللغة العربية، آيات ومقطوعات أدبية وقصائد من عيون الشعر العربي، وفي الوقت نفسه تقدم مضامين قيمة مثل التركيز على العمل والتكافل والتسامح والعيش مع الآخر. كما حرصت على تطوير مهارات لغوية كالتعبير الكتابي واللفظي من خلال آيات قرآنية كريمة، وقصائد شعرية، والتمارين اللغوية التي تدعو الطلبة إلى إنتاج الأفكار ومناقشتها والتعامل مع النصوص القرآنية والشعرية تلاوة أو إلقاء وفهماً ثم الحفظ باستيعاب وفهم لتحسين الأداء التعبيري والقرائي. هـ - ويلمس بوضوح أو بشكل مباشر التركيز على الإبعاد الوطنية والقومية وبخاصة القضية الفلسطينية والخطر الإسرائيلي من خلال التعريف (بمعركة الكرامة) كدرس لما يجب إن يقوم به المواطن إذا ما تعرّض الوطن للخطر، وبخاصة الخطر الإسرائيلي (الذي يحتل فلسطين/ والقدس)، ويهدد قبة الصخرة وكنيسة القيامة والتي حررها صلاح الدين الأيوبي) فجاءت الموضوعات المختارة معبرة عن دور الأردن في رعاية المقدسات والعلاقة التاريخية بين الأردن وفلسطين. و – وقد اخفق المؤلفون في جانبين: الأول في تعريف الطلبة بأدب المهجر من خلال اختيار قطعة غير ملائمة من تراث (جبران خليل جبران)، فجاءت قصة (الحية والحسون) دون تمحيص لما تتضمنه من مغزى بعيد من خلال الإشارة إلى البحث عن هيكل ولو انه غير موجود وكان يمكن اختيار مقطوعة أدبية أفضل من تراث جبران الضخم بحيث لا تتضمن مثل هذا الحس الديني لجبران، أو لربما اختيار مقطوعة لأديب آخر من أدباء المهجر. والجانب الثاني، عند تعريف الطلبة بالأسلوب المسرحي، فجاء اختيار مشهد من (أهل الكهف)لتوفيق الحكيم غير ملائم، حتى لو كان المقصود الإشارة إلى موقع ( الرقيم) في الأردن ولا خلاف على إن (الحكيم) فيلسوف ورائد الأدب المسرحي العربي ولكن تراثه غني، وكان يمكن اختيار مشهد أكثر سهولة ويسراً في التعبير أو اختيار مشهد آخر من مسرحياته التي تفوق المائة. وفي مثل هذه الحالات لا بد من الوقوف عندها في تقييم الكتاب وتطويره للعام القادم، واختيار نصوص أكثر يسراً، أو نصوص لا تحمل أفكاراً غامضة ويمكن إن تكون غير مقصودة. خامساً : ملاحظات ختامية: 1 يمكن اعتبار عملية(تحديث أو تطوير أو تجديد)كتب التربية الإسلامية واللغة العربية لمرحلة التعليم الأساسي خطوة في الاتجاه التربوي الرشيد. 2- يمكن القول إن مرتكزات الفلسفة التربوية والأهداف العامة للتربية وأهداف المراحل التعليمية التي يتضمنها قانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة (1994) هي نصوص تربوية تتسم بالوضوح والمرونة في التفسيرات التي تلائم الحاضر والمستقبل؛ وإذا ما أريد تطوير المناهج فأن ذلك يتطلب إعادة النظر والمراجعة والتقييم وربما إعادة الصياغة للخطوط العريضة لمناهج المباحث الدراسية للتربية الإسلامية واللغات والعلوم الاجتماعية والعلوم والرياضيات والفنون والرياضة ....الخ 3- وضع خطة ثلاثية لأعداد الكتب المدرسية على ضوء الخطوط العريضة للمباحث الدراسية تأليفا، مثل كتب التربية الإسلامية واللغة العربية والعلوم الاجتماعية، أو تكييفا لكتب العلوم والرياضيات المعاصرة عالمياً، استفادة من تجارب الدول الناجحة في هذه المجالات. 4- دراسة إمكانية إحياء الفكرة التي لم تكن هناك إمكانية في تطبيقها والتي اعتمدت سابقا وتتمثل في (وحدة المنهاج) و( تعددية الكتاب المدرسي). ووضع مشروع تحفيزي للمؤسسات الفكرية والثقافية لتقوم بهذا الدور، ولتأليف كتب معاصرة وفق المنهاج المقرر، وتمكين الإدارات التعليمية أو المدرسية من اختيار الكتب المدرسية التي تعتمدها المرجعية الرسمية، وهي وزارة التربية والتعليم. 5- لقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم منظومة: تعليم التفكير والتفكير الناقد وأسلوب حل المشكلة ومراعاة الفروق الفردية كمرتكزات لتطوير المناهج والكتب المدرسية وتدريب المعلمين، وهي منظومة ما زالت قابله للحياة، مما يستدعي قيام الوزارة بعملية تقييم لمدى تحقيق ذلك الاهتمام بهذه المنظومة في (تطوير الكتب المدرسية) و تجديدها أو تحديثها سنوياً. 6- إن الاهتمام بجميع الآراء المؤيدة والمعارضة لعملية ( تطوير الكتب المدرسية) أمر جوهري يستحق التقدير ويمكن الإفادة منه، باعتباره تعبيراً عن المشاركة في قضية التربية وهي قضية مجتمعية وطنية ومن حق إي مواطن إن يسهم في رأيه فيها، ولكن ليس من الصالح العام إعاقة مسيرة التطوير التربوي، مهما كان جزئيا أو مرحليا أو شموليا. 7- إن التطوير سنة الحياة لا تتوقف ولا تعود القهقرى وكذلك التربية. د. عزت جرادات