عمان- عامان من البحث عن مدرسة جديدة، تخللهما الكثير من التمييز والظلم تجاه الطالبة أمل، التي اكتشفت اصابتها بسكري الأطفال منذ كانت في الصف السادس الابتدائي. تروي والدة امل قصة ابنتها بقولها "سجلت ابنتي منذ الروضة في إحدى المدارس الخاصة، لم تشتك يوما من أي اعراض وكانت عضوا في فريق كرة السلة للمدرسة، لكن في الصف السادس الابتدائي ظهرت لديها علامات مرض سكري الأطفال". مشاكل امل بدات منذ ذلك الحين، حرمت من اللعب في فريق كرة السلة، كما حرمت من اللعب في حصة الرياضة وكافة الرحلات المدرسية، رغم عدم وجود مانع صحي لانخراطها في هذه النشاطات، بحسب الوالدة. وتضيف: "شعرت ابنتي انها اصبحت مهمشة وغير مرغوب بها، تم التعامل معها ضمن سياسة التطفيش". في العام التالي أبلغت المدرسة والدة امل ان الطاقة الاستيعابية للمدرسة محدودة، وانه لا مجال لتسجيل ابنتها العام الذي يليه، طالبة منها البحث عن مدرسة جديدة. تتساءل الام: "كيف يعقل انه بعد 8 سنوات من الدراسة في ذات المدرسة ان تطلب المدرسة نقلها دون غيرها تحت حجة الطاقة الاستيعابية؟". رفضت العائلة الانصياع لطلب المدرسة واستمرت امل عاما اخر في مدرستها، لكن التمييز ضدها "زاد، وانعكس ذلك سلبا على نفسيتها وأدائها ما دفعني إلى البحث عن مدرسة اخرى" تقول الام. وتبين ان "رحلة البحث عن مدرسة جديدة كانت متعبة، جميع المدارس التي تقدمت لها كانت ترحب بداية، لكن عند معرفتهم بوضع ابنتي الصحي، يعتذرون عن قبولها، ويكتفون بالقول أنهم ملتزمون مع طلبتهم المصابين بالسكري، لكنهم غير مستعدين لقبول طلبة جدد مصابين بالمرض وتحمل مسؤوليتهم". وتضيف انه بعد بحث تضمن زيارة 10 مدارس "قبلت مدرسة حديثة العهد بابنتي، الحمدلله ابنتي اليوم في الصف الثامن وعادت للمشاركة بفريق كرة السلة في مدرستها الجديدة، كما تشارك بفريق الناشئين في رحلات خارج المملكة، لا تشعر باي تمييز في مدرستها الجديدة بل العكس تماما". ليست أمل الوحيدة، التي تعرضت لهذا النوع من التمييز، حيث قابلت "الغد" عائلات 6 اطفال مصابين بالسكري، جميعهم عانوا نوعا من انواع التمييز والظلم في المدارس، التي كانت غالبيتها تابعة للقطاع الخاص. جود طفلة أخرى، تبلغ من العمر 6 سنوات، انقطعت نحو 3 شهور عن مدرستها بسبب رفض الممرضة في المدرسة اعطاء الطفلة ابرة الانسولين، تقول الام: "جود وحيدتي بعد فترة توصلت لاتفاق مع المدرسة بان اتردد يوميا إلى المدرسة بعد الفرصة لإعطاء ابنتي الابرة". أما يارا فبعد أن منعت من الرحلات المدرسية توصلت الام إلى اتفاق مع المدرسة، بان ترافق ابنتها خلال الرحلات المدرسية، حتى تعطي طفلتها حقنة الانسولين في حال احتاجت لها.  تتكرر ذات المشاكل لدى غالبية الاهالي، فالمقاصف المدرسية مليئة بالحلويات العالية بالسكر، كما ترفض المدارس أي مشاركة لاطفال السكري بالنشاطات الرياضية أو الرحلات المدرسية، إلى جانب رفض ممرضات واطباء بعض المدارس اعطاء الأطفال حقن الانسولين، وهو ما اعتبرته العائلات "وسيلة للضغط" عليها للبحث عن مدارس أخرى لاستقبال اطفالهم. تقول رئيسة جمعية ارادة لمرضى السكري من الأطفال الدكتورة سيما كلالدة ان اصابة الأطفال بالسكري "لا تعني تعطيلهم عن أي نشاطات أو حرمانهم من طفولتهم، كل ما يحتاجه الأطفال المصابين بالسكري أن يلتزم القائمون على رعايتهم، سواء الاهالي أو المعلمين أو المسؤولين في المدرسة، باتباع الارشادات". وتزيد: "يستطيع الطفل المصاب أن يشارك في النشاطات المدرسية والرحلات، لكن ومن خبرتنا في الجمعية فإن بعض ادارات المدارس لا ترغب بتحمل مسؤوليتها". تلفت كلالدة كذلك إلى عدم التزام المقاصف المدرسية بشروط وزارة التربية والتعليم المتعلقة بالاطعمة التي يتم بيعها للأطفال، حيث يتم بيع مواد غذائية غير صحية وعالية بالسكريات والزيوت. وتشير إلى دراسة اعدتها الجمعية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، أظهرت وجود 6 الاف طفل مصاب بالسكري في المدارس، وتقول "رغم سهولة التعامل مع السكري لكن الأطفال يعانون نتيجة لعدم رغبة ادارات المدارس تحمل مسؤولياتهم". من ناحيته يبين مدير التعليم الخاص بوزارة التربية الدكتور أمين شديفات أن "التعليم حق مقدس لكل طفل، والوزارة تتعامل بجدية تجاه أي شكوى تمييز يعاني منها الطلبة بالمدارس، بغض النظر عن سبب التمييز". وبين أن "الوزارة تتلقى شكاوى عديدة من اهالي الطلبة، لكن غالبيتها تتعلق بالتمييز ضد الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة أو ممن يعانون من فرط الحركة". وتابع "المبدأ العام انه لا يحق لاي مدرسة التمييز ضد الطلبة، بطلب نقلهم أو حرمانهم من نشاطات أو زيارات لاي سبب كان، وفي حالة السكري على المدرسة الالتزام بالتعليمات والارشادات الطبية بما يضمن سلامة الطفل وحقه في التعليم". أما الشكاوى المتعلقة بالمقاصف فقال إن "الوزارة تتابع مقاصف المدارس وتتحقق من أي شكوى تردها، وتم اتخاذ اجراءات باغلاق المقاصف المخالفة في أكثر من مدرسة". من ناحيتها توضح الخبيرة في حقوق الطفل المحامية كرستين فضول أن "اشكالية كبيرة يواجهها الطلبة في مدارس التربية والتعليم، فالتعليم متاح بسلاسة للأطفال الذين لا يعانون من أي مشكلات صحية، أما الأطفال المصابين بمرض معين أو بحالة معينة تتطلب اهتماما غالبا ما يعانون بل ويتم التمييز ضدهم". وتزيد "واجب الدولة حماية الأطفال في هذه الحالة، حماية حقهم في التعليم وحمايتهم من التمييز ضدهم ومحاسبة من يقوم بالتمييز، لكن على أرض الواقع هذا الامر غير حاصل". وتنص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها الاردن، على حق الطفل في التعليم، على أساس تكافؤ الفرص، كما تنص الاتفاقية على جعل التعليم الابتدائي إلزاميا ومتاحا مجانا للجميع، واتخاذ تدابير لتشجيع الحضور المنتظم في المدارس والتقليل من معدلات ترك الدراسة. كما تنص المادة 10 من قانون التربية والتعليم على الزامية ومجانية التعليم الاساسي لجميع الأطفال، حيث اعتبرت فضول ان التمييز ضد الطلبة لاي سبب كان "يتناقض مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وقانون التربية والتعليم وكذلك الدستور".

أوائل - توجيهي أردني