عمان- ما يزال طلبة، بالعديد من المدارس، “يخشون” خوض حوار مع المعلمين داخل الغرف الصفية. ويدرك طالب أنه في حال سأل سؤالا خارج المنهاج، قد يحاول المعلم إسكاته وأحيانا قمعه، ومنعه من الخروج عن سياق المنهاج. وهو الأمر الذي يراه خبراء بأنه ينعكس سلبا على الطالب. لذا لا بد من وجود ثقافة حوار داخل الصف بين الطلبة والمعلم بما ينمّي قدرات الطالب ويطوّر مهاراته، ويعزز الكثير من العادات والصفات الإيجابية لديه، مثل تقبل الرأي الآخر واحترام خيارات الإنسان. والجيل الجديد الذي يعيش بعصر معرفي ضخم بمعلوماته، يبقى متعطشا لثقافة التحاور ومعرفة كل ما يحيط به، فهو بمثابة تفاعل نفسي اجتماعي يكسبهم توازنا معرفيا، وتدريبا للعقل والدماغ على التعامل مع متغيرات المجتمع المتطورة. اختصاصي المناهج وأساليب التدريس في الجامعة العربية المفتوحة الدكتور عيسى الحسنات، يؤكد أهمية اتاحة المجال للحوار في الغرفة الصفية، كأسلوب من أساليب بناء شخصية الطالب حتى يعتاد على المنهج الديمقراطي في الحوار وفي التعلم. الأمر الثاني، هو تنمية مهارة الكلام في مجالات الحياة كافة لدى الطالب، ويمكن أن يتم التعلم من خلال طرح السؤال والإجابة عنه من قبل الطالب بأسئلة تفكير عليا، ليغدو التعلم أكثر جاذبية ومتعة لدى المتعلم. ويمكن للمعلم أن يوظف هذه المهارة لدى الطلبة في حوار العلماء، أو الكتّاب أنفسهم من خلال استضافة كاتب النص الأدبي مثلاً، وإجراء الحوار مع هذا الكاتب للوقوف على تفاصيل النص بأسلوب علمي، وفق الحسنات. وقد أثبتت الدراسات أن نسبة كلام المعلم في الغرفة الصفية يجب أن تكون أقل من نسبة تكلم الطالب، فالمعلم قائد للحوار وموجه ومرشد لمصادر التعلم ومدير لجلسة الصف وهو الباحث في مكنون كل طالب عن قدراته. ويبين الحسنات، أن الطالب حينما يتحدث في موضوع الدرس بمعلومات من الدرس ذاته في ضوء التفجر المعرفي، فهذا يؤدي إلى اثراء المعلومات وجعل الطالب يفكر خارج الصندوق. أما الجانب النفسي الذي يلعبه الحوار في شخصية الطالب، فيشعره بالثقة عند مشاركته بالحوارات العلمية التي تدار خلال الغرفة الصفية، وهذا غير مرتبط بعمر معين. وفي ذلك يذهب الاستشاري الأسري أحمد عبدالله الى أن إجبار الطالب على الاكتفاء بالمنهج دون تفكير أو حوار اسمه “تعليب”، وليس “تعليم”، فالمعلم يتعامل مع دماغ الطالب على أنه علبه يتم ملؤها بالمعلومات دون محاكمة عقلية ولا عمليات معرفية، وهذا يؤدي الى نسيان سريع وعدم الاستفاده بأي شيء . ويشير عبدالله الى أن الحوار الصفي الممنهج هو الذي يحدد مواهب وميول الطالب وهو بمثابة تفاعل نفسي اجتماعي يكسب الطالب توازنا معرفيا. كما أن استخدام مهارة الحوار الصفي الجاد هو بمثابه تدريب للعقل والدماغ على التعامل مع متغيرات المجتمع المتطورة. لهذا، فإن واحدة من كفايات المعلم المتميز هي فعالية الحوار الصفي الذي يجريه بينه وبين الطلاب وبين الطلاب أنفسهم. وفي ذلك يقول مدير موقع الأوائل حسام عواد، إن الحوار داخل الغرفة الصفية حين يكون بإشراف المعلم لتحقيق أهداف الكتاب والمنهاج، يحقق عددا كبيرا من الفوائد فهو يؤسس لموضوع حرية التعبير. والطالب يستطيع المشاركة بدون خوف أو خجل أو توتر، كذلك ينمي مهارات التواصل والاتصال بين الطلاب أنفسهم. كذلك، فإن الحوار يحقق منتجات المنهاج بعيداً عن موضوع أن الكتاب مجرد أداة للحفظ، وأن التعليم أداة للتلقين، وهذا كله يجعل الأهداف العامة للمنهاج تتحقق بعيدا عن النظرية التقليدية. كذلك الحوار يفتح آفاق الطالب ويحفزه لموضوع التفكير والابداع والخيال، وهذه هي المهارات الاساسية التي تساعد الإنسان على الابداع والتفكير، وتعلم تقبل الرأي والرأي الآخر، وتقديم خبرات غير مكتوبة في الكتاب المدرسي يتبادلها الطالب ومعلمه. ويؤسس الحوار كذلك لقاعدة العمل الجماعي ضمن الفريق، والذي يقوم على مناقشة الأفكار، والحوار متاح في جميع المواد وليس النظرية فقط حينما نسعى أن يكون التعلم من أجل التعلم وليس من أجل العلامة. خبيرة المناهج الدكتورة روناهي المجدلاوي تؤكد أهمية وجود حوار يتم الاتفاق عليه مع الطلبة قبل يوم لكي يستعدوا له، مبينة أنه في التجارب العالمية هناك حصة أسبوعية تسمى حصة الحوار يتم اختيار موضوع ويتم النقاش فيه. وتضيف أن الحوار داخل الحصة يعلم الطالب مهارات عدة، مثل تقبل الرأي الآخر واحترام خيار الانسان والتعبير، وحرية الاختيار، وأن الاختلاف والتنوع هو أمر إيجابي وليس سلبيا. ومن أجل تحقيق ذلك، لا بد من وجود مدارس ومعلمين يحققون ذلك، خصوصاً أنه لا يوجد طالب لا يحب أن يتعلم، وعلى المعلم نفسه أن تكون لديه القدرة على ذلك، ويحقق هذا التقبل بين الطلاب، واحترام وجهات النظر هو الذي يبني الحب. إلى ذلك، يخدم الحوار الطالب بمساعدته على تطويره وتعلمه واكسابه مهارات مختلفة، ويبني لديه التفكير المنطقي واللامنطقي. أوائل - توجيهي أردني