لماذا نريد مناهج مدرسية متوازنة جندريا؟ إليكم عشرة أسباب: 1 - لأننا، دستورا وقيادة وشعبا، ننادي بالعدالة والمساواة واحترام التعددية. فمنهج مدرسي يجسد هذه الشعارات والقيم الإنسانية قادر على تحويل النص إلى واقع معاش، وعلى جسر الهوة ما بين شعاراتنا من جانب والتدابير والإجراءات التطبيقية من جانب آخر. 2 - لأن مواثيقنا الوطنية، والإقليمية والعالمية تناهض كل أشكال التهميش والإقصاء. غياب تحقيق تمثيل متوازن للنساء والفتيات في الكتب المدرسية هو شكل من أشكال التمييز والإقصاء، القديم الحديث، الذي يجب أن يواجه ويصوب لئلا نقع في خانة ازدواجية المعايير. 3 - لأن مخزوننا الأخلاقي والقيمي يملي علينا أن نرفض الحجر على فئة لحساب فئة أخرى، بتحديد أماكن تواجد النساء والفتيات في مساحات وفضاءات مكانية محدودة، ما بين الغرفة والمنزل والحديقة والمدرسة، كما أتى في الكتب المدرسية، لهو تحديد قسري وقهري للوجود الإرادي للنساء والفتيات. النصوص المدرسية تراجعت ولم تلتفت الى النماذج التي تخطت تلك الحدود باقتدار، ولم تعترف بها. 4 - لأن التطور الإنساني العالمي بصورته العامة والمطلقة يسير أفقيا وعموديا باتجاه المساواة والعدالة المجتمعية؛ وتصميم مناهج حساسة للنوع الاجتماعي وقبول التعددية، بحيث تكون قادرة على أن تتفاعل مع هذا الاتجاه، وتنخرط فيه وتحاكيه لأمر حاسم في تطورنا. 5 - لأن التنمية بأنواعها، الأمنية والاجتماعية والجيوسياسية والاقتصادية، مبنية على التنمية الإنسانية والموارد البشرية، التي تناهض كل الممارسات أو الإجراءات أو السياسات التي تترك أفرادا أو جماعات في الخلف أو في الهامش أو في الأطراف. التنمية بصورتها الإنسانية القيمية مبنية على التمثيل الشمولي والبنيوي والمساواة للوصول إلى الموارد والخدمات والحقوق بعدالة ومساواة. والمناهج يجب أن تعكس هذا المبدأ. 6 - لأننا نريد أن نمنح أجيالنا القادمة بوصلة واضحة ودقيقة للاستقراء والاستدلال واتخاذ القرارات وحل المشكلات وتبني المواقف والاتجاهات التي تتغلب على أي صراع هوياتي داخلي، عرقياً كان أم اثنيا ودينياً وجندرياً. تشكيل هويات بناءة وإنسانية، متناغمة مع السياقات المعاصرة لحمايتها من التحول القهري، أو القسري، أو الإرادي إلى هويات حاقدة أو ناقمة أو قاتلة لهو تحدٍ يتطلب جهوداً جبارة، قد تلعب المناهج السليمة دورا مهما وبناء في إبرازه إلى حيز الوجود. 7 - لأننا نريد أن نبني ثقافة الانتماء والإنتاجية وحسّ المسؤولية الأخلاقية والتفاعل المجتمعي الحيوي، من خلال مفاهيم وقيم المساواة والعدالة -ومنها العدالة الجندرية- لتحمل المسؤوليات الخاصة والعامة بدون محاباة أو تمييز أو إقصاء. 8 - لأن التاريخ والماضي يجب أن يستحضرا بصدق ونزاهة وبدون تزييف أو تزيين أو أدلجة. فصدق المعلومة ينتج صدقاً في الأذهان. تفريغ التاريخ من النساء والفتيات وتهميشهن يشوه الذاكرة وعادات التصور والتخيل. فإذا اردنا مخرجاً تعليمياً قادراً على التفكير والإبداع والنقد البناء والمسؤول، لا بد من أن تتعرض المناهج إلى نصوص مدرسية تستند إلى نتاجات فكرية رفيعة المستوى ومصداقية عالية للمعلومة وموضوعية في الطرح. فالمعلومة المشوهة قد تنتج عقولا مشوهة، والمعلومة المؤدلجة قد تنتج عقولا مؤدلجة، والمعلومة المزيفة قد تنتج عقولا مزيفة والنصوص التي تهمش وتميز وتقصي قد تنتج عقولا إقصائية وتهميشية وتمييزية. 9 - لأننا نريد لهذه الأجيال أن تتشرب من الكتب والمناهج المدرسية صورة للذات وللآخر مبنية على المساواة والعدالة. ولا ننشئ جيلا يعاني صراعاً داخلياً، يتأرجح ما بين الشعارات التي تنادي بالمساواة من ناحية والتطبيق الذي يجذر الفجوة الجندرية من ناحية أخرى. فقد يتحول هذا الصراع الداخلي إلى سلوكيات عنف وتغول. ليس عدلا أن يتم سرد قصص التاريخ والعلم والتكنولوجيا والمعرفة والوطن والمواطنة والديمقراطية والقلم والفرجار والميزان والمحراث في سياقات ذكورية منتجة، بينما تسرد قصص النساء والفتيات في نصوص فرعية وسياقات هامشية. 10 - لأن تجذير ثقافة العدل والمساواة في الكتب المدرسية ينشئ جيلا مؤمنا بالمساواة كمفهوم معرفي وكقيمة إنسانية وكسلوك وممارسة: متقبلا للتعددية والاختلاف في مناحي الحياة ومحبا للحياة والعمل والإنتاجية. فالبيئة التعلمية التعليمية المدرسية هي المنصة الأولى التي تبنى فيها المفاهيم والمعتقدات والقيم والخيالات، إضافة لعادات التفكير والسلوكيات الحميدة. بهذه المرتكزات العشرة ننقل الجيل الى ما نصبو إليه، وبعكس ذلك نبقى نراوح مكاننا.