كشف خبير بإدارة المناهج والكتب المدرسية بوزارة التربية والتعليم، عن اسباب تغيير المناهج المدرسية، متهما من يترأس ادارة عملية التغيير بأنهم "أشخاص غير مؤهلين علميا" على حد تعبيره.

وقال الخبير، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"خبرني " إن المنظمات الدولية المهتمة بالقطاع التعليمي، لعبت بشكل أساسي، وثنائي مع ادارة المناهج بهذا التغيير، وأن المعونات الخارجية التي تأتي لوزارة التربية والتعليم، لها أهدافها الخاصة، كالتغيير الأخير على المناهج.

وأضاف أن أحد اسباب فشل تغيير المناهج لهذا العام، تفويض الوزير ادارة المناهج بشكل كامل، دون عمله عما يحدث بداخل الإدارة، وأشار إلى أن من يكتب المناهج معلمين مدارس حكومية، غير مؤهلين لكتابة المناهج، وأن اختيارهم بعد امتحان كتابي لا يليق بهذه المهمة، على حد وصفه.

وبين الخبير أن اللجنة المشرفة على تغيير المناهج كانت تنوي بتطبيق النظرية الكلية بتدريس اللغة العربية، وتبنى النظرية على حذف آيات القرأن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وتعليم اللغة العربية حرفا حرف.

وأوضح أن اللجنة استبعدت معلمي القطاع الخاص، ما أثر بشكل ملحوظ على التغيير الذي حصل.

وتابع الخبير أن "تغيير المناهج وغربلته، ليس نوعيا، ولا كميا، وأن التغيير لم يكن بناءً على خطة تربوية، أو دراسة علمية، وإنما جاء بناءً على توصيات شفوية، لا نعلم أهدافها".

ونوه إلى أن الوزارة تبحث عن أرخص الاسعار في طباعة الكتب المدرسية، وأنها تضرب بعرض الحائط جملة من توصيات اللجان التربوية المتخصصة.

ودعا الخبير وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات بإعادة النظر في مديري الإدارات، والقيادات التربوية، الذين لم يقدموا محتوى جديد، ولا يمتلكون فكرا تجديديا، يخدم المسيرة التربوية.

وذكر أن تراجع الأردن في المستوى العالمي في امتحانات (tinss) في الرياضيات، وامتحان (pisa) في العلوم واللغة العربية، سببه التغيير الحاصل غير العلمي.

في السياق ذاته،اتهمت وزارة التربية والتعليم، ما وصفتهم بـ "أصحاب الحملة غير الراشدة"، ضد مناهجها الجديدة، بـ "محاولة تضليل الرأي العام والإساءة إلى وزارة التربية والتعليم ومناهجها"، في إشارة لانتقاد مناهجها عبر مواقع التواصل.

وقالت الوزارة في بيان حصلت "خبرني" على نسخة منه، إن هذه الحملة "قد يكون هدفها عرقلة مسيرة وزارة التربية والتعليم في جهودها لتطوير العملية التعليمية، وذلك خدمة لأهدافهم الخاصة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه".

من جهة أخرى، يرى الأمين العام السابق لوزارة الشباب الأردنية ذوقان عبيدات أن المجتمع يتعرض لحملات "داعشية" متطرفة شديدة، مصادرها متعددة، اجتماعية ودينية وتربوية وأخلاقية، "والطلبة أنفسهم يتعرضون لنفس المصادر".

وأضاف عبيدات لـ"خبرني" أن "المجتمع مليء بالأفكار الداعشية"، مطالبا بتعليم الطلبة كيفية التفكير وتقديم الآراء.

ويضرب مثالاُ بأحد الكتب التي قدمت في بداية العام الدراسي، في الجزء الثاني من منهاج اللغة العربية للصف التاسع، التي يقول إنها أوردت عبارة "الجنة تحت ظلال السيوف"، ويتابع "فبعد كل هذا التطرف والفكر "الداعشي" الذي يتعرض له المجتمع، يتم تلقين الطلبة هذه المعلومات!".

وشدد عبيدات على ضرورة تقديم المؤسسات التربوية المعنية مناهج تتناسب مع الحاجات والمشكلات التي تواجه المجتمع والطلاب.

ونوه إلى أن وزارة التربية والتعليم لم تفعل شيئاً واحداً في مجال المناهج، بل اتخذت خطوة يراها تضليلية، متمثلة بتغيير الكتب بلا تغيير للمناهج، فالمناهج بقيت كما هي.

و استنكر عبيدات ظهور فئة مقاومة للأصوات المنتقدة للتطرف في المجتمع، واصفها بـ "فئة جديدة في المجتمع اسمها (الحكماء)"، وهؤلاء يقولون إن من يحارب التطرف هو المتطرف بالاتجاه الآخر، فمن يتحدث عن المناهج يسمونه متطرفاً، ومن يشير إلى انتشار الفكر "الداعشي" أصبح متطرفا.

إلى ذلك، دشن ناشطون أردنيون رافضون التغيير الحاصل على المناهج، واصفينه بأنه "اخطر ما يمكن أن يشكل فكر ومستقبل الانسان، فان تم تشويهه في مرحلة مبكرة فسيكون من الصعوبة بمكان تصويبه لاحقا".

وطرح الناشطون تساؤلا عن مصلحة من يتم تشويه المناهج الدراسية، فتحذف الآيات والاحاديث النبوية والحجاب وغيرها، على حد وصفهم.

اما الكاتب الصحفي مالك العثامنة قال لـ"خبرني " إن الاحداث التي واجهناها في الأردن على مستوى الاقليم وانعكاساتها الداخلية على الداخل الاردني أثبتت أن هناك ازمة حقيقية في بنية التعليم بكل مستوياته، وهذا لم يقتصر فقط على المناهج التي اثبتت فشلها في بناء منهجية معرفية حقيقية بل في بنية التربية والتعليم اجمالا.

وأوضح " أن الأهم، أننا نحن امام ازمة بنيوية في قطاع التربية والتعليم ومن الاجحاف القول أن العلوم الدينية هي كل اساس المشكلة، أنما جزء من المشكلة، لكن هناك عوامل اخرى مثل المبادرات الفارغة من اي قيمة مضافة نوعية وكانت تركز على شكليات لم يلمس منها القطاع تغيرا حقيقيا بالمطلق .

وأضاف العثامنة أن تغيير المناهج ضرورة حيوية و مطلوبة امام تجييش فارغ من المعرفة الحقيقية في المناهج، لا في نطاق العلوم الدينية فقط بل حتى في المناهج العلمية التي اراها متأخرة عن مناهج اردنية في السبعينات و الثمانينات".

وتابع "موضوع افتعال ازمة من قبل تيار الإسلام السياسي على تعديلات شكلية لا ارى فيه الا معركة جانبية تستقطب الجمهور و تلهيه عن اساس المعركة الحقيقية التي يجب أن نواجها بجرأة، وللإنصاف هناك من يتصيد ايضا في الطرف الاخر في مبالغات "تحديث" المناهج الى حد استثارة المجتمع، وهذا ما اسميه ليبرالية "داعشية" لا تقل خطورة عن "داعشية" الفكر السلفي".

وختم العثامنة "الازمة في المناهج ، ازمة جديدة تكشف تجليا جديدا في ازمة التخندق بين طرفين، ومن المخجل أن نصل إلى مرحلة محرجة في وضع مناهج تعليم، وفي بدايات الدولة الأردنية كان المقدسي خليل السكاكيني و رفيقه اسعاف النشاشيبي يضعان مناهج تعليمية تم تصديرها كنموذج رفيع في التعليم".

أوائل - توجيهي أردني