طالب خبراء تربويون وزارة التربية والتعليم بالسير قدما في إدخال المزيد من التعديلات على المناهج المدرسية، معتبرين ما جرى لغاية الآن "تعديلات بسيطة لا تفي بالغرض المطلوب". وأكدوا في أحاديث لـ"الغد"، أن ما واجهته التعديلات السابقة على المنهاج من اعتراضات، "يجب أن لا تكون عائقا أمام الوزارة لإجراء تعديلات أخرى"، بيد أنهم شددوا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار كل الملاحظات الواردة من الميدان، ومن اللجنة التي شكلتها الوزارة، بهدف تفادي الثغرات عند إجراء أي تطوير جديد للمنهاج. وأوضحوا أن تطوير المنهاج وإصلاح عملية التعليم بشكل عام "يحتاج إلى تعديلات تعمل على تنمية القدرات العقلية للطلبة وتنمية ذكاءاتهم لتتناسب مع متطلبات ومنطق العصر"، قائلين ان "إصلاح التعليم يتعلق ببناء مواطن صالح يتكيف مع الواقع بشكل افضل والأوضاع القائمة في الاقليم". وبينوا أن الطالب بحاجة الى منهاج حياة محاوره "الحق، العدل، الخير، الاخلاق، والجمال والفن والفكر"، مؤكدين أن "تطوير المناهج يجب ان يتناسب مع حاجات المجتمع والطلبة والتغيرات الإقليمية والدولية"، لتمكين الطالب من مواجهة الافكار المتطرفة واعتبار ذلك مواد جديدة. وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي قال إن ما طرأ مؤخرا على الكتب المدرسية هو "عملية تعديل للكتب وليس تطويرا للمناهج، كون عملية تطوير المناهج شيء اكبر"، موضحا ان تعديل المناهج عبارة عن "نتاجات تعلمية تتكون من مجموعة توقعات من الطالب ودليل المعلم وتكنولوجيا تعليم وسائل واساليب تدريسية". واشار السعودي الى ان ما تم على الكتب المدرسية مؤخرا من وجهة نظر الناس والخبراء التربويين هو "تشويه للكتاب المدرسي، كونه ليس هذا هو المطلوب"، مبينا ان المطلوب في هذا الزمان بمفهوم المناهج الحديثة ان "يركز المنهاج بكل مفاهيمه ومحتوياته وأنشطته على تنمية القدرات العقلية لدى الطلبة". وقال "نستيطع القول ان عملية الاصلاح بدأت عندما نصل إلى مرحلة تطوير منهاج ينطلق من تنمية القدرات العقلية وليس عبر تحفيظ الطلبة البيانات والمعلومات البسيطة الموجودة بالكتب المدرسية". ويتم ذلك، بحسب السعودي، من خلال إعداد منهاج يركز على تنمية المهارات التفكيرية عند الطلبة من خلال مجموعة عناصر هي وجود كتاب مدرسي يحتوي على مفاهيم اساسية توليدية، بمعنى أن هناك مفاهيم اساسية في مختلف العلوم لا تتغير وهي ثابتة و"يأتي هنا دور المعلم لاختيار المحتوى والنشاط والأمثلة والأسئلة التي تنطلق من ذلك المكان والزمان". وبين أنه "اذا أردت تنمية القدرات العقلية للطلبة فلا بد من الانطلاق من خبرة الطالب في منطقته بمعنى المؤثرات التي يحس بها يوميا والتي يتعامل معها حيث يجب نقل هذه الخبرات الى الغرفة الصفية، فهذه الانشطة المرتبطة بخبرته تعكس المفهوم الإحساسي وهي الاساس هنا، فلا يحفظ الطالب المفهوم وإنما كيف يحصل عليه ويطبقه على ارض الواقع، فهذا هو المطلوب". "ولكن ما حصل للأسف، هو العودة الى مناهج قبل 50 عاما تجاوزتها دول العالم المتقدمة والتي تركز على المعرفة الثابتة والوصفات الجاهزة التي تعطى للمعلم ليدرسها ويفرض على الطالب أن يحفظها على رغم من ان تلك المعرفة متغيرة وتكون غير صالحة للمكان والزمان الذي يعيش فيه الطالب"، وفق السعودي. وأوضح، انه لا يوجد في العالم كتاب مدرسي يحتوي على انشطة تدريسية تضم مفاهيم اساسية ثابتة لا تتغير، أما الأنشطة والأمثلة التي يضعها المعلم فتتغير وفق الزمان والمكان ويبقى الطالب مواكبا لحياته اليومية كون المنهاج يجب ان يعكس الحالة الاجتماعية التي يعيش فيها المواطن. وقال إن مبادرات جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله في إصلاح التعليم مستمرة دائما، "ولكن للأسف عملية ترجمتها لا تتم بالشكل الصحيح"، لافتا إلى أن إصلاح التعليم يتعلق ببناء مواطن صالح يتكيف مع الواقع بشكل افضل والأوضاع القائمة في الاقليم. بدوره، اعتبر الخبير التربوي عدنان الطوباسي ان قرار الوزارة بإجراء تعديلات على الكتب المدرسية الجديدة أثار زوبعة جماهيرية كانت قوية وبدأت تتلاشى تدريجيا الان، نظرا للوعد الذي اعلنته الوزارة بأنها ستأخذ بنتائج اللجنة التي شكلها نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات مؤخرا لدراسة الكتب الجديدة والتعديلات التي ادخلت عليها. واكد ضرورة اجراء تعديلات على المناهج الدراسية بين الفترة والاخرى تبعا للظروف التي تمر بها المنطقة، لكن "أي تعديل أو تغيير يجب ان لا يمس الثوابت والمبادئ الاساسية التي تقوم عليها الدولة خاصة في المجالين الديني والتراثي، وأن يستند للتفكير الابداعي والناقد واثراء الطلبة بالمعلومات الجديدة التي تناسب المرحلة". وأضاف، أنه يجب أن تواكب المناهج الفكر الجديد والرؤية الثاقبة للمستقبل وأن يشارك بها المعنيون كافة من مختصين في علم النفس والاجتماع وأولياء امور ورجال الدين، بالإضافة إلى خبراء تربويين لكي يناسب كافة الذين يتلقون هذه المناهج. بدوره، اعتبر الخبير التربوي ذوقان عبيدات أن الوزارة أجرت تعديلات بسيطة على الكتاب المدرسي ولم تمس المنهج، فهذه التعديلات من حق الوزارة والمؤلف ان يعدل ويضيف أو يحذف أي معلومات ضمن متطلبات التغيير العادية. وقال، ان تشكيل الوزارة لجنة لدراسة المناهج الجديدة هي "امتصاص لغضب الجمهور المحرض ولكسب الوقت حتى تهدأ العاصفة"، مشيرا إلى أن التغيرات بسيطة ولا تحتاج لتشكيل لجان. وأضاف، ان معظم التغييرات التي أدخلت مؤخرا على الكتب المدرسية هي ايجابية جدا، لافتا إلى أن الكتب المدرسية بحاجة الى تعديلات اساسية والمناهج كذلك، كونها وضعت في العام 2005، أي قبل نحو 11 عاما، وهي بحاجة الى تعديل كونه لم يكن آنذاك تطرف وإرهاب، إضافة الى ان التواصل الاجتماعي الآن يختلف عما كان عليه العام 2005. وأشار إلى أن المطلوب "تطوير المناهج بما يناسب حاجات المجتمع والطلاب والتغيرات الاقليمية والدولية"، فلذلك يجب ايجاد مناهج تمكن الطالب من مواجهة الافكار المتطرفة فهذا يتطلب مواد جديدة. وبين ان الطالب بحاجة الى مناهج حياة وهي الحق، العدل، الخير، الاخلاق، والجمال والفن والفكر، فهذه المناهج ماتزال غائبة عن مناهجنا، ولذلك هناك حاجة الى اجراء تعديلات أساسية في المناهج. وقال ان الكتب لا تستطيع ان تتجاوز المنهاج، فأي تعديلات تطرأ على الكتب تكون شكلية او سطحية اوتصحيحا لأخطاء، فما حصل مؤخرا هو عملية تصحيح اخطاء واضحة كانت موجودة في الكتب، والعملية لم تتعلق بالتحسين او التطوير الكتب. وأضاف، لا يجوز مقارنة الكتب المدرسية لعام 2015 بالكتب الجديدة لهذا العام، فإذا "اردت ان اقيم كتب 2016 فيجب أن أقيم الكتب بما وجد فيها وليس بما حذف منها"، مشيرا الى أن الكتب لا تقيم بمقارنتها مع كتب اخرى، ولكن تقيم من اجل التطوير والتحسين.

أوائل - توجيهي أردني