أكد خبراء ومختصون في الشأن التعليمي على دور التعليم الناجح كأحد أهم محركات الانطلاق والتغيير على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع، وأهميته في تقدم المجتمع ونهوضه، مستعرضين واقع التعليم في المجتمعات العربية وأسباب فشله في إحداث التغيير الإيجابي. جاء ذلك، في جلسة نقاشية نظّمها مساء أمس منتدى الفكر العربي، خصصت لمناقشة موضوع أزمة التعليم في المجتمعات العربية، حيث ألقى أ.د. إبراهيم بدران مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية وعضو المنتدى، محاضرة تناول فيها دور التعليم الناجح كأحد أهم محركات الانطلاق والتغيير على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع، ضمن منظومة متماسكة ومتجددة من العلم والتعلم والتفكير الناقد، موضحاً أهمية التعليم في تقدم المجتمع ونهوضه وواقع التعليم في المجتمعات العربية وأسباب فشله في إحداث التغيير الإيجابي. وعقب على المحاضرة، التي تأتي بمناسبة صدور كتاب جديد للدكتور بدران بعنوان «عقول يلفّها الضباب: أزمة التعليم في المجتمع العربي»، الباحث في مركز الدراسات المستقبلية زهير توفيق، وأدار اللقاء وشارك فيه د. محمد أبوحمّور الأمين العام للمنتدى. وأكد د. إبراهيم بدران أن التعليم في معظم المجتمعات العربية أخفق في إحداث التغيير الذي كان متوقعاً، وكان دور المتعلمين في تغيير المجتمع أقل بكثير مما تحقق لدى مجتمعات أخرى، كانت على الدرجة نفسها من التخلّف أو أدنى منها. وأضاف أن الدول العربية ما تزال في مكانة أدنى من المتوسط العالمي في معظم المؤشرات ذات العلاقة، ابتداءً من الديمقراطية والحاكمية، مروراً بالتعليم والبحث العلمي. وهذا الاخفاق هو الذي ينبغي أن يكون محل تساؤل لدى السياسي والعالِم والمفكر والمثقف. وبيّن د. بدران أن من أهم عوامل فشل التعليم في المنطقة العربية غياب الرؤية المجتمعية للتعليم، وعدم ملاحظة أن التعليم الذي هو في جوهره كتلة من العقول الفاعلة والخيال المبدع، يتطلب البيئة المجتمعية والسياسية والثقافية الحاضنة، وفي غياب هذه البيئة يضمحل التعليم ويتوارى المتعلِّم ليصبح فعله وتأثيره شيئاً ثانويا. وأشار في هذا الصدد إلى أن تجارب العديد من دول العالم المتقدم توضح أن المفصل الأول في التقدم الاجتماعي هو التعليم بكليته وفلسفته، انطلاقاً من أن العنصر الأساسي الذي ينبغي التركيز عليه في أي أزمة هو الإنسان بوصفه عنصر الأزمة، سواء في صنعها أو في مواجهتها، وأن التعليم هو الذي يصنع الإنسان ويشكل المجتمع. من جانبه، دعا دكتور أبو حمور إلى التحوّل بشكل جديّ ومباشر لإبداع الحلول في أزمة التعليم وما يرتبط بها من أزمات؛ مؤكداً أن هذه القضية هي الأهم وذات أولوية قصوى لما للتعليم العام والعالي من ارتباط بمختلف قطاعات التنمية الشاملة. وأضاف أن كل المؤشرات المتعلقة بتقدم المجتمعات العربية ما تزال في تراجع، وتبدو العقلية العربية العامة في حالة عجز وجمود، بحيث بات الهروب إلى الماضي هو الغالب، مما يؤدي إلى استحضار مشكلات وإفرازات تزيد من التعصب والتطرف والانغلاق، والتكفير أحياناً، ويعطل كل محاولة لفتح نوافذ العقلانية والواقعية نحو الأزمات التي نعيش. من جهته، أشار الباحث زهير توفيق إلى أن بدران يشخص في كتابه الجديد «عقول يلفها الضباب: أزمة التعليم في المجتمع العربي» يمثل نقلة نوعية في تشخيص أزمة التعليم في الأردن وغيره من المجتمعات العربية؛ بل والمجتمعات النامية في العالم، وكلها مجتمعات وبلدان تتماثل في بناها المجتمعية والسياسية وأنظمتها التربوية.

أوائل - توجيهي أردني

أوا