غالباً ما يكشف فصل الشتاء العديد من العيوب في البنية التحتية، لكن شتاء هذا العام أزاح  الستار عن مشكلة جديدة نتجت عن قرار وزارة التربية والتعليم بدمج المدارس الحكومية في بعض المحافظات.

 

ودمجت وزارة التربية والتعليم  26 مدرسة عام 2015 و14 مدرسة عام 2016، في عدة مناطق في المملكة ممن يقل عدد طلبة الصف الواحد فيها عن 20 طالباً وطالبة أو في حالة المدارس التي  لا يتجاوز عدد الطلبة فيها عن الـ (100) طالب وطالبة.

 

شمل هذا القرار مدارس عديدة منها مدارس في البادية الوسطى، مخلفا أضرارا عديدة تمثلت بأعباء ومشاق يتكبدها الطلبة في الذهاب سيرا على الأقدام يوميا إلى مدارس تبعد كيلوات الامتار عن منازلهم، أو الدخول في مشاكل فرضتها الطبيعة العشائرية لهذه المناطق، بل تعدت الأضرار إلى حرمان الفتيات من التعليم في ظل الوضع الجديد.

 

وزارة التربية، بحسب الأمين العام سامي السلايطة، لن تتراجع عن قرار الدمج، باعتباره  من ضمن رؤية الاردن 2020 – 2025 ، ويهدف إلى تجويد التعليم. رغم أضراره التي يكشفها الطلبة وأهاليهم من جهة، وتناقضه مع التزامات الشرعة الدولية التي يلتزم بها الاردن من جهة ثانية.

في هذا الصدد يؤكد عدد من أولياء امور الطلبة عن عدم رضاهم عن قرار الدمج، مشيرين إلى أن ذلك يضيف اعباء اضافية عليهم وعلى اسرهم وأبنائهم وينفي العدالة في إتاحة فرص التعلم  بين أبنائهم مقارنة مع نظرائهم.

 

أبو سامي الذي شمل ابنه قرار الدمج، حيث نقل ولده الى مدرسة الزعفران في البادية الوسطى، يقول: إن”التدريس صار غير ميسر نتيجة القرار، وذلك بسبب صعوبة المواصلات  بين القرى”.

 

بل إن سلامة سالم ،ولي امر طالب، يقول إن هذا القرار “غير متوازن واجبر الطلبة على الخروج من القرية لقرى بعيدة ما أثر  سلبا عليهم من ناحية المواصلات والمشاجرات التي قد تنشأ اثناء تنقل الطلبة وعدم مراعاة الخصوصيات الاجتماعية بين الطلبة”.

 

قرار الدمج ترك اثارا سلبية على الطلبة الذين عبروا عن استيائهم ، “حازم” وهو طالب شمله قرار الدمج، ويسكن في قرية ام الوليد  ضمن منطقة البادية الوسطى  تم نقله الى مدرسة الزعفران الثانوية التي تبعد عن قريته نحو 5- 6 كيلو مترات.

 

يقول حازم:” كانت مدرسة أم الوليدتضم  اكثر من 10 طلاب توجيهي وزعوا الان على مدارس  الجيزة الثانوية ،وام قصير الثانوية ،والزعفران”. يؤكد ان مدرسته الجديدة “لا يوجد فيها معلم لمادة الرياضيات منذ بداية الفصل”، ويطالب بالعودة لمدرسة ام الوليد الثانوية في الفصل الثاني.

 

عقب الدمج صار الطلبة الذين شملهم قرار النقل، في تنقلهم من وإلى مدراسهم الجديدة يستخدمون طرقا مختلفة بعضها بقي كما هو أو بطرق  جديدة  في الانتقال إلى مدارسهم.

 

ابراهيم خالد طالب في الصف الاول ثانوي، والذي  يحمل على كتفيه حقيبة مدرسية ممتلئة بالكتب يذهب للمدرسة سيرا على القدمين او بإحدى سيارات المارة بما لا يقل عن سبعة كيلومترات، يؤكد ان المواصلات ذهابا وإيابا غير متوفرة وهذا يؤثر سلبا على تحصيله الدراسي، ومعاناته في الظروف الجوية الصعبة في انتظار من ينقله.

 

ولان البادية الوسطى ذات طبيعة عشائرية تفرض نوعا من المنافسة والندية بين ابناء العشائر تنعكس أحيانا على الطلبة وتتحول لمشاجرات أو مضايقات يتعرض لها القادم الجديد إلى المنطقة.

 

ويؤكد أبراهيم خالد ذلك، ويقول إنه تعرض  وزملاؤه للعديد من المشاجرات بين طلاب القرى الاخرى لاسباب عدم قبول الاخر في قريتهم.

 

لكن الخطر في آثار قرار الدمج انه تسبب بحرمان طالبات من الدراسة، إذ يؤكد مختار قرية ام الوليد عبد عيد ان قرار دمج المدارس “مجحف بحقهم وانه تم حرمان بعض طالبات المرحلة الثانوية من الذهاب للمدرسة لعدم مراعاة الظروف الاجتماعية بين القرى”.

نقابة المعلمين تنحاز في موقفها من قرار الدمج  للاهالي إذ انها تختلف  مع الوزارة.  فبحسب عضو النقابة عبد الرحمن الزبن، وهو مدير مدرسة ارينبة الغربية،  قال أن النقابة قابلت الوزير في موضوع دمج المدارس وطالبته بالتراجع عنه، لكن دون أي تغيير.

 

وقال إن “الوزير عدل جميع القوانين، وان هذا القانون المعدل في دمج المدارس مخالف لقانون الوزارة”، مشيرا الى ان الوزارة في قرارها  لم تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية عند البادية وهذا اثر سلبا على الطلبة والأهالي .

 

وأشارت النقابة الى أن القرار الصادر عن مجلس التربية والتعليم عرف المدرسة على انها التي لا يقل عددها عن 100 طالب وهو ما دفع الوزارة الى دمج المدارس في بعض المحافظات.

 

واكدت النقابة أن الاناث اكثر من تضرر من هذا القرار، وذلك لعدم موافقة الأهل على إرسال الفتيات الى القرى المجاورة، علما أن  الطلاب يعانون طوال فصل الشتاء نظرا لطول المسافة ذهابا وإيابا.

 

الحق في التعليم

اساس هذا الحق نابع من المواثيق الدولية، في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل، واتقاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة.

 

وتؤكد منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة أن الحق في التعليم يفرض، شأنه شأن جميع حقوق الإنسان، ثلاثة مستويات من الالتزامات على الدول هي: الالتزام باحترام الحقوق، وبحمايتها وبإنفاذ كل من “السمات الأساسية” للحق في التعليم (أي: التوافر، إمكان الانتفاع، إمكان القبول، القابلية). كما أن الالتزام باحترام الحقوق يقتضي أن تتفادى الدول اتخاذ تدابير من شأنها عرقلة أو منع التمتع بالحق في التعليم.

 

ولهذاعلى الدول احترام حرية الاباء في اختيار المدارس لابنائهم، واحترام تعليم الصبيان والبنات على حد سواء، اما واجب الحماية فعلى الدول اتخاذ التدابير اللازمة عن طريق التشريعات أو وسائل أخرى لمنع وحظر انتهاك حقوق الفرد وحرياته الأساسية من قبل طرف ثالث. ومن هذا المنطلق  ألا تطبق المدارس الخاصة- مثلا-  ممارسات تمييزية أو تفرض عقوبات بدنية على التلاميذ.  http://www.unesco.org

أوائل - توجيهي أردني