أجمع أكاديميون ومعنيون في التعليم العالي على أهمية دراسة قرار العمل بالقبول المباشر للجامعات الرسمية وتحديد شروط وأسس واضحة قبل المباشرة بالتنفيذ، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة النظام التعليمي في البلاد والتقبل المجتمعي للقرار.
وزير التربية والتعليم الأسبق د.إبراهيم بدران أكد أن الجامعات في غالبية دول العالم هي المسؤولة عن قبول الطلبة ضمن تخصصاتها الدراسية، إلا أن هذه المسؤولية محددة ضمن أسسس وقوانين أكاديمية وفنية ترتبط بقدرة الجامعات على اختيار المتنافسين الأفضل لضمان نوعية متميزة من الخريجين.  وقال بدران ل"السبيل" إن اختيار المتنافسين الأفضل يحتاج للارتقاء بالنظام التعليمي بشكل شامل ومتكامل منذ الصفوف الأساسية الأولى مع إبراز الجوانب المتميزة للطلبة لتحديد توجهاتهم الأكاديمية في المرحلة الجامعية، وهو ما يحتم إيجاد أسس عملية وسليمة لاختيار الطلبة تمهيداً للنهوض بالمستوى الأكاديمي والمهني في المستقبل المنظور لهؤلاء الطلبة.  وشدد الوزير الأسبق على أهمية إخضاع هذه العملية لعدد من الشروط المعيارية والتي يمكن تلخيصها بالتحصيل الأكاديمي المناسب لهذا التخصص، المنافسة بين المتقدمين للتخصص ضمن أسس علمية وأكاديمية محددة لاختيار الأفضل، امتلاك الطالب لمهارات إضافية ترتبط بالتخصص كالقدرات البدنية والفكرية أو اتقان اللغات والعلوم على سبيل المثال.  وأكد بدران ضرورة وضع خطة شاملة ومحددة بمدة زمنية وخطوات علمية ومراجعة المسار الأكاديمي كاملاً للنهوض بالمستوى التعليمي للطلبة والارتقاء بالمخرجات التعليمية مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للقرار وإعلام الجمهور "المجتمع"بالخطوات من مختلف جوانبها وتوضيح الآليات وخطوات التنفيذ لإفساح المجال للاختيار أمام المجتمع". هل تتحقق العدالة؟  من جانبه طالب وزير التعليم العالي الاسبق وليد المعاني المتحمسين للقبول المباشر اعتباراً من العام الجامعي القادم بمراجعة حيثيات القرار جيدا، لعدم وجود أية ضمانات لتحقيق العدالة والمساواة في القبول غير المعياري، محذرا من فشل هذه الخطوة وتسببها بخلق المزيد من المشاكل الاجتماعية.  وقال المعاني ل"السبيل" إن المقابلات الشخصية التي تعتبر جزءا أساسيا للقبول المباشر تحتمل هامشا كبيرا للمزاجية والاعتبارات الشخصية غير المهنية على العكس من الآليات الموضوعية المحددة بأسس وعلامات لا يمكن للرغبة الشخصية التدخل فيها، ومن سيضع امتحان القبول وكيف نضمن معياريته، وهل هو بالعربية أم بالإنجليزية.  وتساءل الوزير الأسبق حول مدى نجاعة القرار من الناحية العملية كونه محفوفا بالكثير من المخاطر والتي تبدأ من اختيار الفئة التي ستخضع للقرار واقتصارها على الجامعة الاردنية والتكنولوجيا دوناً عن بقية الجامعات التي تدرس الطب وطب الاسنان، وتساءل عن سبب ذلك قائلاً:"كنا متأكدين من نجاعة المقترح، لماذا لا نطبقه على الجميع؟ وإن كنا نريد عمل تجربة لنرى مدى صلاحية المقترح، فما ذنب من دخل في التجربة إن ثبت عدم جدواها فيما بعد؟”. وقال المعاني إن كنا سنعتمد علامة التوجيهي، فستبقى علامة ١٠٠٠ هي نفسها في القبول الموحد أو المباشر، وإن كنا سنعطي علامة التوجيهي نسبة ٣٠٪ فإن علامة التوجيهي تصبح ٧٠ وعلى الطالب تدبير ال ٣٠ علامة الأخرى، فأين هي الفكرة في التغيير والاتجاه نحو القبول المباشر؟ ضوابط أكاديمية..  الدكتور فاخر دعاس منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلبة "ذبحتونا "قال:" إن نظام القبول المباشر في الجامعات الأردنية، هو من أخطر القرارات على التعليم العالي، وسيعزز من الواسطة والمحسوبية".  وشرح دعاس ل"السبيل "إن للقبول المباشر محاذير كثيرة وكبيرة قد تودي بالنظام التعليمي في ظل عدم وجود ضوابط أكاديمية وفنية لاختيار الطلبة، ضمن القبول المباشر وإمكانية المفاضلة بين المتقدمين على أساس أخرى ترتبط بالمقابلة الشخصية وإمكانية تدخل الواسطة والأهواء الشخصية.  ولفت إلى أن الحكومة تحاول تمرير القبول المباشر في الجامعات والذي سيتم من خلاله رفع الرسوم الجامعية ولكن بقرار من الجامعات وليس من مجلس التعليم العالي، ويجب أن ننتبه إلى حقيقة أن القبول المباشر هو من أخطر القرارات على التعليم العالي ليس فقط لأن ما سينتج عنه هو رفع للرسوم بنسب فلكية وبخاصة في التخصصات الطبية والهندسية، وإنما لأنه سيعزز من الواسطة والمحسوبية في القبول الجامعي، كونه يعطي صلاحيات القبول للجامعة وليس عبر القبول الموحد؛ ما يسمح للواسطة والمحسوبية لتكون المعيار الأهم للقبول." خطوة أولى..  وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي د.عادل الطويسي أعلن يوم امس الأحد عن موافقة مجلس التعليم العالي على طلب كل من جامعتي الاردنية، والعلوم والتكنولوجيا باجراء القبول المباشر للعام الجامعي المقبل في تخصصي الطب وطب الاسنان، فقط كخطوة اولى قبل تعميمها على كافة الجامعات والتخصصات المختلفة.  وقال الطويسي في تصريحات صحفية:"إن قرار البدء بالقبول المباشر في تخصصي الطب وطب الاسنان فقط للعام الجامعي المقبل، لن يسمح بأن يكون مدخلا لرفع الرسوم الجامعية لهذه التخصصات حيث سيتم الابقاء على الرسوم كما هي للتنافس وللموازي بلا تعديلات، وذلك وفقا لتفاهمات مع مجالس امناء الجامعات، التي هي صاحبة القرار والولاية بهذا الامر، لكن لا يجوز ربط القبول المباشر برفع الرسوم أبدا.  واكد ان لجنة مشكلة من مجلس التعليم العالي وعمداء كليات الطب بالجامعات الاردنية ستقر الاطار العام للمعايير التي اكد انها ستحافظ على العدالة، وعلى مستوى الخريجين وجودة مخرجات العملية التعليمية، وستتطلع الى الا يؤثر القبول المباشر في هاتين الجامعتين على قبولات الطب بالجامعات الاردنية الاخرى.  وركز الطويسي، ان الاساس هو اعطاء صلاحيات للجامعات الرسمية ضمن ضوابط وأطر عامة يضعها مجلس التعليم العالي، وستكون تلك التجربة مراقبة لغايات ضبطها ومراجعتها وتعميمها في حال أثبتت جدواها واهميتها وتأثيراتها على مخرجات ومدخلات التعليم العالي.  واشار الى ان هذه القرارات جاءت تنفيذا لتطبيق بنود الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، والقبول المباشر أحد اهم توصياتها وتم الموافقة على هذين التخصصين للبدء التدريجي واعطاء فرصة للجامعات ان ترتب نفسها، وان تخضع تلك التجربة للتقييم.  واعتبر الطويسي ان إقرار هذه التجربة لن يكون على حساب الطاقة الاستيعابية التي أقرتها هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي حيث سيتم الالتزام بالاعداد المقررة على التعليم التنافسي والتعليم الموازي بالنسبة المخصصة لذلك وهي 30% من اجمالي المقبولين.  واشار الوزير الى ان اللجان ستحدد الاطار العام لاعداد الاسس للقبول في « الطب وطب الاسنان» وسيتم الابقاء على الحد الادنى للقبول وهو 85% وسيتم اجراء مفاضلة بين الطلاب من خلال اسس يتم اختيارها بين امتحان قبول واجراء مقابلات بين الطلبة، واما تحديد سنة تحضيرية يتم خلالها تحديد رغبة الطالب وقدرته وتحديد شكل مسيرته الاكاديمية، وسيتم بحث تلك الامور بما يحافظ على العدالة والجودة من خلال اللجنة الاكاديمية والعمداء المعنيين بكليات الطب وطب الاسنان بالجامعات الاردنية.