محمود كريشان -  ظاهرة رديئة عششت مؤخرا في مدارسنا، وتتمثل بالغناء الهابط الذي تسلل بقوة الى الاذاعات المدرسية الصباحية، بنمط غنائي غريب وركيك، قائم على جملة موسيقية واحدة يمكن لمن يغني ان يصدح بكل شيء داخل اطار جملته الموسيقية المتكررة، ولا غرابة في فوضى هذا الخراب الغنائي ان تصغي من السماعات الخارجية في ساحات مدارسنا الى مفردات غنائية مبتذلة، تلوث آذان من يسمعها وتعكر صفوه، دون مراعاة خطورة ذلك على اجيالنا التي هي نصف الحاضر وكل المستقبل. ولا شك ان انتشار نمط الغناء غير الهادف المستمد من قواميس الحواري وسريانها في الاذاعات المدرسية كالسرطانات الخبيثة، لتؤكد غياب اجهزة الرقابة التابعة لوزارة التربية والتعليم، ولا غرابة ان تسمع اغنيات هابطة عبر اثير الاذاعات المدرسية  وما يرافق ذلك من جوانب مؤسفة في موضوع غاية بالاهمية يحمل في طياته الفوضى وتلويث مسامع الطلبة والناشئة ، عندما تفرض المدارس محاصرتهم بزعيق مطربين دخل صوتهم في مراحل فنية والكترونية لتنعيم اصواتهم النشاز وصراخهم اليومي!.    ولا ندري ابدا كيف لنا ان نتصور المشهد بكل سوداويته، ولتكون مقارنة ظالمة ومستحيلة مثلا مع «فيروز» وهي تطلق العنان لصوتها الملائكي بتلك الأنفة التي تذكرك بنساء ملأن التاريخ حضوراً، لنذهب معها في حبنا للاردن وهي تشدو: أردن أرض العزم أغنية الظبى، نبت السيوف وحد سيفك ما نبا، في حجم بعض الورد إلا إنه، لك شوكة ردت إلى الشرق الصـبا، أو حينما تدغدغ مشاعرنا بصوتها الشدي وهي تبشرنا بمحبة عمان في القلب: سكنت عينيك يا عمان فالتفتت إلي من عطش الصحراء أمواه، وكأس ماء أوان الحر ما فتئت ألذ من قُبلٍ تاهت بمن تاهوا.. وتوفيق النمري وأغانيه وألحانه الخالدة التي جعلته أحد رموز هويتنا الوطنية الأردنية ولتبقى: «ويلي ما احلاها البنت الريفية» و»مرحى لمدرعاتنا» التي انغرست في ارض الغناء الذي فرض هوية اردنية حصرية على انواع الطرب الهادف. مدهش لدرجة الفجيعة ان تتحول اذاعاتنا المدرسية الى ساحة للخراب الغنائي، ونشعر بمرارة وغصة في الحلق كلها حزن وأسى، على هذه الفوضى في مدارسنا واناشيد طلبتنا الصباحية التي كانت حتى وقت قريب ميادين شعر وفصحى متسربلة بالغناء القشيب: تخسى يا كوبان ما انت ولف الي.. ولفي شاري الموت لابس عسكري، وأرخت عمان جدائلها فوق الكتفين، و»فدوى لعيونك يا اردن»، قبل ان تتحول اذاعات مدارسنا واناشيد طلبتنا الى غناء مكتظ بفايروسات نشاز وكلمات قادمة من لغة الحواري بكل ما في ذلك من معنى هابط وركيك..!! - الدستور .