عمان – فيما كشف وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز عن حاجة الوزارة الى 315 غرفة صفية سنويا لاستيعاب الأطفال في مرحلة الرياض الثانية (kg2)، بين أن الوزارة قادرة على توفير 142 غرفة فقط منها في المدارس الحكومية، داعيا القطاع الخاص لرأب هذه الفجوة البالغة 173 غرفة. جاء ذلك خلال إطلاق مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية أمس دراسة بعنوان "الآثار الاقتصادية للاستثمار في مجال رعاية الطفولة المبكرة والتعليم في الأردن" في فندق حياة عمان. وبين الرزاز أن الوزارة تعتزم إطلاق حملة خلال الفترة المقبلة، هدفها توسعة المدارس الحكومية لتشمل kg2، لاسيما وأن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية تتحدث عن إلزامية هذا الصف. وأشار إلى أن الحملة تتكون من شقين، الأول يتعلق بدور الوزارة وإجراءاتها، والثاني سيكون لتحفيز الجمعيات والقطاع الخاص لفتح رياض أطفال في المحافظات، وتقديم العديد من التسهيلات بهذا الشأن، من خلال دفع جزء من رواتب المربيات والمعلمات المؤهلات. واعتبر الرزاز أن مرحلة رياض الأطفال متطلب اقتصادي اجتماعي قيمي وأخلاقي ووطني، في ظل النهج الذي تتبعه الحكومة في تطبيق اللامركزية، والتي سيقع عاتقها على مجالس المحافظات. وبينت الدراسة التي عرضتها الباحثة في مؤسسة الملكة رانيا هيلينا بيلفينين أن زيادة مستويات الرعاية والالتحاق في التعليم في مرحلة الطفولة المبكّرة ستؤدي بالنتيجة الى تنمية القدرات الإدراكية والتعليمية للطلاب، الأمر الذي سيرفع مستوى التحصيل الدراسي للأطفال. وأوضحت أن نسبة الالتحاق برياض الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متدنية حيث بلغت 27 % من إجمالي عدد الأطفال في المنطقة، بحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف". وأشارت الدراسة الى أن الارقام الخاصة بالاردن تعتبر "منافسة جدا اذا ما قورنت بدول الإقليم من ناحية نسب وفيات الأطفال، والاستفادة من المطاعيم، وشمول الاطفال في سن 3-4 أعوام ببرامج تطوير المهارات الذاتية، لكنها تبقى متدنية في نسب الالتحاق بالرياض البالغة 59 % لـ(KG2)،. و13 % لـ(KG1)، و3 % لما قبل الروضة". وأضافت "من هنا جاءت الحاجة إلى إجراء دراسة هدفها محاولة قياس المنافع الاقتصادية الناتجة عن الاستثمار في رعاية وتعليم الطفولة المبكّرة في الأردن، لتقدير الآثار الاقتصادية طويلة الأجل، اعتماداً على فكرة أن الاستثمار في مثل هذه الأولويات سيؤدي إلى تحسن في عدد من المؤشرات المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية". وأظهرت النتائج بشأن قياس مستوى التحسّن في الأداء الناتج عن التوسع في برامج رعاية وتعليم الطفولة المبكرة، تحسنا في مستوى أداء الطلبة في مواد الرياضيات والعلوم والقراءة، كما ساهمت برفع إجمالي سنوات التعليم بنسبة 0.7 بالمتوسط. وحول أثر رعاية وتعليم الطفولة المبكرة على العائد في التعليم، فتم الاعتماد على بيانات مسح العمل التتبعي للعام 2010 والذي شمل حوالي 26 ألف شخص ضمن حوالي 5 آلاف أسرة، حيث أشارت نتائج التقدير الى العوائد الإيجابية للتعليم والتي ارتفعت نسبها لدى الإناث عن الذكور. وانعكست كل سنة دراسية إضافية بارتفاع في معدل الاجور بنسبة 5.4% للذكور، و6.4% للإناث. وأشارت إلى أن التحسن في نسب وجودة التعليم يقود إلى زيادة مطردة في مشاركة الذكور والإناث في سوق العمل بنسبة 0.5% للذكور، و 4% للإناث في حالة الالتحاق بالتعليم لسنة إضافية واحدة، وبالاعتماد على هذه النتيجة فإن العوائد السنوية المتوقعة للأفراد العاملين في المجتمع هي زيادة مستوى الدخل الإجمالي للسنة الواحدة بحوالي 820 دولاراً للذكور، و874 للإناث. وقالت "فيما يتعلق بقياس المنافع المتوقع اكتسابها مدى الحياة والناتجة عن توفير الرعاية والتعليم لمرحلة الطفولة المبكرة، فقد استندت طريقة القياس بداية على عدد من الافتراضات، أبرزها بأن الأطفال الخاضعين لهذه الرعاية سيحصلون في المتوسط على حوالي 0.7 سنة إضافية من التعليم، وبالتالي يتوقع أن يحصل الطفل على دخل إضافي بحوالي 23 ألف دولار خلال فترة حياته العملية من العمر (25-64 عاما). ولفتت الدراسة الى أن الاستثمار في مثل هذه البرامج من شأنه أيضاً أن يؤدي الى تحقيق عوائد إضافية للدولة ناجمة عن التحسن العام في مستويات الإنتاجية للافراد، إذ أشارت نتائج التقدير المعتمدة على احتساب العوائد المتوقعة بأن مجموع العوائد ستزداد بمقدار 4,251 دولار للفرد الواحد، كما أن التوسع في برامج رعاية وتعليم الطفولة المبكرة سيؤدي حتما الى خلق وظائف جديدة تقدر بحوالي 30 ألف وظيفة معلم ومعلمة لمرحلة الطفولة المبكرة. من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية هيفاء العطية إن "الخمس سنوات الأولى من حياة الأطفال هي الأهم في نموهم العقلي والمعرفي والانفعالي". وبينت العطية أن جلالة الملكة رانيا العبدالله أنشأت مؤسسة الملكة رانيا عام 2013 لتفعيل دور الأبحاث في تطوير التعليم والتأثير على سياسات التعليم في الأردن، والخروج بحلول مبتكرة واحتضان مبادرات جديدة لها أثر يمكن قياسه على تحصيل المتعلمين الأكاديمي وفرصهم في النجاح. وقالت إنه تم خلال الأعوام الماضية التركيز على إجراء البحوث والدراسات التي من شأنها التأثير على هذه السياسات، ولإطلاق برامج مبتكرة، ومن ثم إجراء تقييمات شاملة لقياس أثر هذه الابتكارات على مخرجات التعليم. وأشارت الى أنه تم البدء بتحديد الأولويات في خمسة مجالات، هي تأهيل وتمكين المعلمين والقيادات المدرسية، وتطوير المناهج واستراتيجيات التقويم والتقييم، وتطوير مهارات أساليب التدريس، وإدارة الغرف الصفية، وتجسير الفجوة في الأداء الأكاديمي بين الذكور والإناث لتفعيل تعلم الذكور، وأخيراً زيادة الوعي بأهمية تنمية وتعليم الطفولة المبكرة. وأوضحت ان الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ركزت على الطفولة المبكرة، واستندت إلى أبحاث مهمة استطعنا من خلالها معرفة الكثير عن أطفالنا في الأردن. وأضافت: "عرفنا مثلاً  أن 80% من أطفالنا في عمر 4-5 أعوام لا يحصلون على الفرص للالتحاق ببرامج الطفولة المبكرة، وأن 41% من الأمهات لا يقرأن لأطفالهن ممن هم دون سن الخمسة أعوام، إضافة الى أن 45% منهن لا يعتقدن أن للرعاية والتفاعل في المنزل أي أثر إيجابي على تنمية قدرات أطفالهن".