عمان- يرى خبراء تربويون ان تحسن اداء الطلبة في المهارات الاساسية؛ القراءة والحساب، في الصفوف الثلاثة الاولى، سينعكس إيجابا على اداء الطلبة في الصفوف العليا. وشددوا في احاديث لهم خاصة بـ"الغد" أمس، على ضرورة مأسسة وزارة التربية والتعليم، وادامة المبادرات المعنية بتطوير التعليم للطلبة، كمبادرة القراءة والحساب، والتوسع الافقي والعمودي في منهجيتها، لتشمل صفوفا أعلى ومباحث مختلفة. وبينوا ضرورة تدريب وتوجيه معلمي ومعلمات المدارس الحكومية بطرق جديدة وفاعلة، للارتقاء بمخرجات التعلم في القراءة والحساب للصفوف المبكرة، واشراك وتشجيع اولياء الامور لدعم اطفالهم، لتنمية حب القراءة لديهم. وأجمعوا على أهمية وجود محطة تقويمية للصف الثالث، لاكتشاف مدى اكتساب الطلبة للمهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، تمهيدا لمعالجة أي ضعف لديهم عبر برنامج خاص. وكانت نتائج المسح الوطني النصفي الخاص بمبادرة القراءة والحساب للصفوف المبكرة (RAMP)، أظهرت تحسن وارتفاع معدل القراءة للصفين الثاني والثالث من 18 % عام 2014 الى حوالي 22 % العام 2017، في حين ارتفع معدل تحسن الحساب لهذين الصفين من 14 % العام 2014 الى حوالي 16 % العام 2017. وأشارت النتائج إلى أن 80 % من طلبة الصفوف المبكرة في المدارس الحكومية "قادرون على القراءة بشكلٍ استيعابي خلال الأعوام الخمسة أو الستة المقبلة، في حال استمرت وتيرة التحسن في الأداء". وبينت أن "79 % من طلبة الصف الثاني الذين شملهم المسح، تعرضّوا لمنهجيات RAMP لمدة تراوحت بين فصلين دراسيين إلى ثلاثة، فيما تعرض 27 % من طلبة الصف الثالث لمنهجيات RAMP لمدة أقصاها ثلاثة فصول".  وكان وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز قال عند اعلان نتائج الدراسة، أنها تؤكد من جديد ثقتنا بالمعلم، اذا ما توافرت له الوسائل المتخصصة في تطوير عمله. وبين الرزاز ان نتائج المسح تعتبر إيجابية، لما اظهرته من تحسن في اداء الطلبة في المهارات الاساسية للقراءة والحساب. وقال إن الوزارة ستجري اختبارا تشخيصيا سنويا لطلبة الصف الثالث الاساسي، اعتبارا من العام الدراسي الحالي، وبما يوفر بيانات تحديد ومعالجة الصعاب التي نواجهها في التعلم، مؤكدا ان هذا الاختبار ليس مرتبطا بالنجاح والرسوب. وفي هذا الصدد، قال وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور وليد المعاني اننا كنا ندرك ضعف الصفوف الثلاثة الاولى، بحيث ان نتائج الطلبة في الاختبارات الدولية (TIMSS ،PISS) اظهرت تراجع ادائهم في كلا الامتحانين. كل هذا، أوضح المعاني، يضاف الى وجود 100 ألف طالب في الصفوف الثلاثة الاولى، غير قادرين على قراءة الحروف العربية أو الإنجليزية، ويشكلون نحو 22 % من إجمالي عدد الطلاب، وهذا جاء في تصريح جريء لوزير التربية والتعليم السابق محمد الذنيبات، أكد فيه ان هناك مشكلة ويجب معالجتها. وأشار الى ان الوزارة بعد أن ادركت وجود المشكلة، بدأت  بمعالجتها عبر ايجاد مبادرة القراءة والحساب للصفوف المبكرة، وغيرت اساليب وطرق التدريس والمناهج وتدريب المعلمين. وبين ان ما اعلن في المسح النصفي الخاص بمبادرة القراءة والحساب للصفوف المبكرة (RAMP) "من ارقام، يشير الى تحسن ملحوظ في المهارات الاساسية لهاتين المادتين، وما يهمنا ان يستمر هذا التحسن". ولفت المعاني الى أن هذا التحسن، يجب ان يستمر وألا يكون عبارة عن فقاعة لمرة واحدة فقط، ويعيدنا الى ما كنا عليه سابقا. وقال إن الاستمرار بهذا النهج الايجابي في التحسن مبشر، كونه سينعكس على اداء الطلبة في المراحل التعليمية اللاحقة، فعند تقييم هؤلاء الطلبة في الاختبارات الدولية، سندرك مدى التحسن في ادائهم بالمهارات الاساسية للقراءة والحساب. وأضاف المعاني إن بقي منحى هذا الخط الذي نسلكه في ارتفاع، فنحن في الطريق السليم، ويجب أن نستمر فيه، وأن نمؤسسه، وهذا يجب ان يترافق مع التعليم في رياض الاطفال، وجعله ضمن السلم التعليمي. وأكد أن مرحلة رياض الاطفال، مهمة في عمر الطفل، كون الطالب سيتعلم فيها الحروف والأرقام. وحين يصل للصف الأول، لن يتفاجأ بما يتعلمه في هذه المرحلة، فالطفل خلالها يكون قد اكتسب خبرة توجيهية لعامين، تسهم بتنمية قدراته ومدراكه، وعندما يلتحق بالصفوف المبكرة، سينال نتائج افضل ممن لم يلتحق برياض الأطفال. وبين المعاني ان مرحلة رياض التعليم، جزء من إصلاح جذري في التعليم، معربا عن تفاؤله بما يجري الآن. وفيما يتعلق بالامتحان التقييمي للصف الثالث، أوضح المعاني ان هذا التوجه أعلن عنه الرزاز منذ تسلم بدأ عمله وزيرا، مشيرا الى اهمية عقد امتحان في هذه المرحلة لتشخيص وتقييم مستوى الطلبة في المهارات الاساسية. من ناحيته، أكد مدير ادارة التخطيط التربوي سابقا في الوزارة محمد ابو غزلة ان المبادرة اوجدت بعد تصريح الذنيبات، وان الوزارة أطلقتها بعدما أعلنت عن نتائج مسح نفذته العام 2012 على عينة من الطلبة، أظهرت نتائجه أن "17 % فقط ممن شملهم المسح يستطيعون القراءة باستيعاب، وتنفيذ العمليات الحسابية بفهم". وأضاف ان نسبة تحسن اداء الطلبة في المهارات الاساسية خلال فترة تطبيق المبادرة جيدة، ونأمل ارتفاعها. وشدد أبو غزلة على مأسسة هذا المشروع بعد انتهاء المبادرة، لتشمل مدارس المملكة، مؤكدا ضرورة وجود جهة محايدة غير الوزارة تطبق هذا المشروع. ولفت إلى ان التحسن جاء لوجود منهجية وأدوات علمية في البرنامج العلاجي، وان النتائج الصحيحة ستظهر في اداء الطلبة خلال الاختبارات الدولية. وأشار الى ضرورة وجود حافز مالي لمعلمي ومشرفي الصفوف المبكرة، لضمان تطبيق هذا المشروع بالوتيرة التي يعمل بها الآن. وأيد ابو غزلة توجه الوزارة لإيجاد محطات تقويمية في الصفين الثالث والتاسع للتحسين والتجويد. وقال إن "هذه المحطات يجب الا تكون امتحانات تحصيلية، بمعنى الرسوب والنجاح، بل باختبارات تشخيصية للخروج بخطط تطويرية وعلاجية، لتمكين الطلبة من المهارات والكفايات التي لا يتقنونها في المراحل السابقة". وأوضح أن المهارات التي "يجب ان يمتلكها الطالب في الصف الثالث، تكمن في الاستماع والقراءة والكتابة والحساب، وفي حال وجود من لا يجيدون هذه المهارات، فيجب وضع خطط لهم تستدرك هذا النقص. من جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية هيفاء العطية، ان المبادرة من اكبر المبادرات التعليمية التي اطلقت وعممت على نطاق واسع في الأردن منذ أعوام طويلة.  وبينت ان نتائج المسح النصفي للمبادرة ايجابية، اذ أن التحسن في مهارات القراءة الأساسية، ملحوظ وذو دلالة احصائية، ما سيسهم بتسريع تقدم الطلبة في المواد الدراسية، بحسب العطية.  وبينت ان ما يدعو للتفاؤل هو معرفة انه إذا استمرت المبادرة في التوسع مع الحفاظ على النهج المتبع الآن، فإن 80 % من طلبة الصف الثاني والثالث في المدارس الحكومية، سيتمكنون من القراءة مع الاستيعاب في الاعوام الخمس المقبلة، وهذا تحسن كبير عما كانت النسبة عليه في العام 2012 وهو أقل من 20 %.    من ناحيته؛ قال أستاذ علم النفس والإرشاد النفسي المساعد بجامعة فيلادلفيا عدنان الطوباسي، أن مقياس التشخيص والاختبارات، يعتبر ركنا مهما من أركان العملية التعليمية، وفرصة للوقوف على اماكن الخلل والنجاح في مسيرتنا التربوية. وأضاف الطوباسي انه كلما كان الامتحان التشخيصي مبكرا، كان العمل بنتائجه اللاحقة افضل، بخاصة فيما يتعلق بالمهارات الأساسية للطفولة المبكرة، والتي يؤكد علماء النفس الاهتمام بها. ويرى الطوباسي ان يكون الامتحان التشخيصي في نهاية الصف الثاني، كون الطالب يمتلك قدرة على القراءة والحساب، بخاصة مع ما نشهده في هذه الأيام من تطور علمي وتكنولوجي، اصبح يظلل العالم، وكذلك انتشار اماكن للتدريس قبل دخول للمدرسة (الروضة) في معظم انحاء الوطن. وأيد الطوباسي ان يكون هناك تقييم متواصل ومستمر للصفوف الأساسية المبكرة، بخاصة في المهارات الاساسية التي يجب ان يتمكن منها الطلبة في القراءة والحساب، والتي سنصل الى نتائجها وتحديد أسباب النجاح والاخفاق فيها، لسد اي ثغرة ومعالجة اي خلل ينعكس على التعليم ايجابيا وبشكل جيد في الصفوف الأولى. واكد ضرورة  قيام الوزارة بتدريب وتوجيه معلمي ومعلمات المدارس بطرق جديدة وفاعلة، للارتقاء بمخرجات التعلم في القراءة والحساب للصفوف المبكرة، وإشراك وتشجيع أولياء الأمور لدعم أطفالهم لتنمية حب القراءة لديهم. وأشار الطوباسي الى ملاحظة ان اجراءات الوزارة للوقوف على اماكن النحاح والخلل، بخاصة في الصفوف الثلاثة الاولى، يعد تقدما ملموسا، وستكون نتائجه ايجابية في سنوات تعليمية لاحقة، ستسهم بتقدم العملية التربوية في الاردن.