آلاء مظهر – قطاع التعليم العالي في مواجهة مع تحديات ضعف المدخلات وتدني جودة المخرجات وعدم مواكبتها لمتطلبات سوق العمل، بحسب ما يرى أكاديميون، يؤكدون أن "معظم خريجي الجامعات الأردنية يبدون أداءً ضعيفاً في مهارات اللغة الأجنبية وينهون دراستهم الجامعية دون الحصول على أي خبرة في البحوث". وفيما يشدد أكاديميون على ما يرونه "إرادة التغيير" بين زمنين تعليميين، والتخلص من إرث لم يعد صالحا لهذا الزمن، يصطدم "الخريجون بالواقع الوظيفي على أرض الواقع الذي يختلف تماما عما رسمته مخيلتهم" كما تلخص منى ابراهيم قصتها مع البحث عن العمل. فقد تخرجت إبراهيم كما تقول "من إحدى الجامعات الخاصة تخصص محاسبة عام 2010 ولكني لم أتوقع المرار الذي سأعيشه للحصول على الوظيفة التي حلمت بها". وتتابع، "تقدمت لوظيفة في تخصصي قرأت إعلانا عنها في إحدى الصحف اليومية، وكان السؤال الأول عند مقابلة مدير الشركة: اخبريني عن نفسك باللغة الإنجليزية، فارتبكت".  وتؤكد إبراهيم، "هذا اليوم الذي لم أستطع فيه تقديم نفسي بالإنجليزية سيبقى محفورا في ذاكرتي، فأنا لم أتعود في المدرسة أو الجامعة أن أقف وأتحدث بالإنجليزية"، مشيرة إلى أنها بعد هذا الموقف "قررت الالتحاق بمعهد للغة الانجليزية وأصبحت الآن أتقنها بنسبة 75 %". تقرير المعرفة العربية الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الانمائي العام 2014 يؤكد هذه المشكلة، مبينا أنَّ الطلاب الأردنيين "أبدوا أداءً ضعيفاً في مهارات اللغة الأجنبية، بمعدل 4.07 مقابل 11.58 في الإمارات و11.50 في المغرب". وأشار التقرير إلى أنَّ 33 % من الطلاب الأردنيين ينهون دراستهم الجامعية دون الحصول على أي خبرة في البحوث، و63 % ليسوا مطَّلعين على الكتب المترجمة ذات الصلة بتخصصاتهم.  ويرى رئيس جامعة الزيتونة د.تركي عبيدات أن الخطط الدراسية في معظم الجامعات الأردنية "لا تتضمن مواد حول المهارات المطلوبة في سوق العمل المفتوح، مثل الاتصال والتواصل، كتابة التقارير الفنية، اللغة الانجليزية كتابة ومحادثة، الحاسوب والتقنيات الحديثة"، مؤكدا أن هذه المهارات "مطلوبة لجميع التخصصات سواء أكانت صيدلة، طب، هندسة، أوعلوم انسانية واجتماعية..". وأضاف، "للأسف الشديد مواد هذه المهارات غير موجودة بالخطط الدراسية كما لا يوجد توجيه للطلبة في الجامعات من خلال برامج تدريبية لإعطاء الطلبة دورات تدريبية اضافية لاكتساب هذه المهارات". لكن عبيدات يوضح أن لصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية دورا حيويا وفاعلا في هذا المجال من خلال مكاتب التأهيل الوظيفي ومتابعة الخريجين، وهذه المكاتب موجودة في جميع الجامعات، وهناك فرصة كبيرة لإكساب الطلبة المهارات الضرورية من خلال دورات قصيرة. وفيما أظهرت دراسة استقصائية إقليمية قامت بها المؤسسة المالية الدولية والبنك الاسلامي للتنمية العام 2011، أنَّ 22 % فقط من أصحاب العمل في الأردن كانوا راضين عن "المهارات المهنية"، مقابل 25 % كانوا راضين عن "المهارات الشخصية" لدى خريجي الجامعات، يبين عبيدات أن ما يعتري الخطط الدراسية هو عدم التركيز على المكون البحثي. ويوضح عبيدات ذلك بالقول "إن الطالب لا يتطرق إلى كيفية اجراء البحوث والمسوحات والدراسات من خلال المواد الدراسية التي يدرسها، والأصل ان لا يتم الاعتماد على الامتحانات بل على إعداد التقارير وإجراء البحوث والدراسات". وقال، "لو ركزنا من خلال الخطة الدراسية على المكون البحثي لاكتسب الطالب مهارات إضافية لها علاقة بجمع المعلومات والإحصائيات وتحليلها واستنباط النتائج والاستقصاء، وكلها مهارات مهمة جدا للطالب في سوق العمل". وانتقد عبيدات عدم إجراء دراسات معمقة لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل عند فتح التخصصات، كما "لا يوجد لدى مجلس التعليم العالي معلومات موثقة واحصائيات كافية حول احتياجات السوق، وبالتالي يتم منح الموافقة بلا تدقيق موضوعي حول  التخصصات المشبعة والراكدة"، لافتا إلى ان العديد من الطلبة يلتحقون بمسارات أكاديمية لعدم وجود توجيه لمسارات التعليم العالي. وبحسب تقييم "الاستراتيجية الوطنية للتوظيف 2010"، هناك "الكثير من المهندسين ولكن ليس هناك ما يكفي من مساعدي المهندسين أو المساحين، وهناك عدد كبير جداً من أطباء الأسنان وليس هنالك ما يكفي من مساعديهم؛ والعديد من الصيادلة وعدد غير كافٍ من مساعديهم". من جانبه، يؤكد الأستاذ في الجامعة الأردنية عبد الكريم القضاة ان "الجامعات لدينا بمجملها هي جامعات تدريس"، فيما تقسم الجامعات في العالم إلى أربعة أنواع هي بحسب القضاة، "تدريسية وقليل من البحث العلمي، وبحثية وقليل من التدريس، ومختلطة بين التدريس والبحث العلمي، وتقنية متخصصة بالمسارات التقنية المهنية". وقال، إن لدينا "10 جامعات رسمية ونحو 20 جامعة خاصة كلها نسخة طبق الاصل عن بعضها، وحتى التي يطلق عليها تطبيقية ظلت اسيرة التدريس أكثر من المسار البحثي والتقني". وتوقع القضاة ان تغير بعض هذه الجامعات خلال عشرة أعوام المقبلة من مسارها لتعتمد بشكل أكبر على البحث العلمي الذي لا يجذب اهتمام الإدارات الجامعية. ودعا القضاة اعضاء هيئة التدريس إلى الابتعاد عن التلقين وان تعتمد المحاضرات على المناقشات والحوارات "لأن التعلم افضل من التلقين او التدريس"، لكنه بين أن البحث العلمي هو "ارادة كل من الإدارات الجامعية والتعليم العالي، وسواء أكانت الجامعة تدريسية أم بحثية أم مختلطة، فالأساس ان يكون البحث العلمي جزءا لا يتجزأ من مسار الجامعات". وبين ان التعليم التقني قرار سيادي، مشيرا بهذا الخصوص إلى أن نصف طلبة الثانوية العامة في العالم يذهبون إلى التعليم المهني والتقني، والنصف الآخر إلى المسارات الأكاديمية، فيما "لدينا الهرم مقلوب والغالبية العظمى يلتحقون بالجامعات والنسبة الضئيلة المتبقية تلتحق بالتعليم المهني".  ودعا القضاة، إلى "تغيير عقلية الأجيال السابقة، ومن ورثوهم عن التعليم العالي"، وبدون هذا التغيير "فلن يكون لدينا تعليم تقني ولا مهني وسنبقى نستورد العمالة من الخارج" - الغد .

اوائل - توجيهي .