Author:
حسام عواد
استشارات تربوية

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

      طفلي عمرهُ خمس سنوات ونصف، وترتيبهُ الرَّابع بين إخوته، ومشكلتي أنَّه يهابُ من محادثةِ أيّ شخصٍ غريبٍ، ويرفضُ السلامَ حتى مع أعمامهِ عند زيارةِ الأهل، ويبقى جالساً لوحده، وأحياناً أُرغمه على الجلوسِ بيننا، لكنَّه يرفضُ ويبكي.

      ما الحلُّ إذا أردّته أن أجعله اجتماعياً؟ حتى عندما دخلَ الرَّوضة رفضَ الكلام لمجردِ صُراخِ المُعلمة على الأولادِ حتى ذهبت أنا وتحدَّثت معها، وطمأنته حتى استجابَ مع الأستاذة. أفيدوني جزاكم الله خيراً.

 

المستشار: د.أسعد الأسعد

 

 

   بسم الله، والحمدُ لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله.

   الأخت الفاضلة: أم خالد، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأشكرك كل الشُّكر لثقتك بموقعنا، وكتابتك إلينا، وإثارتك لمشكلةٍ عامَّة تُعاني منها الكثير من الأُسر مع أطفالها.

   والواقعُ أنَّ هذا التَّصرف يبقى طبيعياً في مثلِ هذهِ السنِّ إلا إن زادَ عن حدّه ليصبحَ سِمةً عامةً لدى الطِّفلِ، وحبّاً للعزلة، ورهاباً اجتماعياً،فالطُّفل الخجول عادةً ما يتحاشى الآخرين، ولا يميلُ للمشاركةِ في المواقف الاجتماعية، ويبتعد عنها، ويكونُ خائفاً ضعيف الثِّقةِ بنفسهِ وبالآخرين، ومتردّد، ويكون صوته منخفضاً، وعندما يتحدَّث إليه شخصٌ غريب يحمر وجهه، وقد يلزم الصَّمت ولا يُجيب، ويخفي نفسه عند مواجهة الغرباء، ويبدأ الخجل عند الأطفال في الفئة العمرية من 2 ـ 3 سنوات، ويستمرُّ عند بعض الأطفال حتى سنِّ المدرسة وقد يختفي أو يستمر.

   ولعلّ هذا الخوف عند ابنك يعودُ إلى أسبابٍ عدَّة أهمها:

  1. مشاعرُ النَّقصِ التي تعتري نفسيةَ الطِّفل بسببِ مقارنته بأشقائه أو بالآخرين، وربَّما دونَ قصدٍ من الأهل فتترسخ هذهِ الرَّسائل السلبية من الأهلِ في عقلهِ الباطن، وتعملُ على توجيهِ سلوكه.
  2. افتقادُ الشُّعور بالأمن: فالطِّفلُ الذي لا يشعر بالأمنِ والطمأنينة لا يميلُ إلى الاختلاط مع غيرهِ إمَّا لقلقهِ الشَّديد، وإمَّا لفقده الثقةَ بالغير وخوفه منهم، وخوفاً من نقدهم له، وسخريتهم خاصة الوالدين.
  3. إشعارُ الطِّفلِ بالتَّبعية: بجعلِ الطّفل تابعاً للكبارِ، وفرض الرَّقابة الشَّديدة عليه، وذلك يشعرهُ بالعجزِ عند محاولةِ الاستقلالِ، وكذلك اتّخاذ القرارات المتعلقةِ به مثل: لون الملابس، وماذا يريد أن يلبس؟ وإكثار الوالدين من الحديثِ نيابةً عن الطِّفل وعدم الاهتمامِ بأخذِ رأيه، فمثلاً يقول الوالدين أحياناً: أحمد يحبُّ السكوت، مع أنَّ هذا الطِّفل لم يتكلَّم ولم يعبِّر عن رأيهِ إطلاقاً.
  4. طلبُ الكمالِ والتَّجريح أمام الأقران: إذ يلحُّ بعض الآباء والأمّهات في طلبِ الكمالِ في كل شيءٍ في أطفالهم في المشي، وفي الأكل، وفي الدِّراسة، ويغفل الوالدين عن أنَّ السّلوكيات يتعلّمها الطِّفل بالتَّدريج مع عدمِ المُبالاة بتجريحِ الطِّفل أمام أقرانه، وذلك له أكبر الأثر في نفسية الطفل.
  5. تكرارُ كلمةِ الخجلِ أمامَ الطِّفل ونعته بها، فيقبلُ الطِّفل بهذهِ الفكرة وتجعله يشعرُ بالخجلِ، وتدعم عنده هذهِ الكلمة الشّعور بالنَّقص إذ أنَّ الرَّسائل سواء كانت سلبية أم إيجابية إذا أرسلت للطفل أكثر من ستة مرّات ترسخ في العقلِ الباطن وتعملُ إمَّا في دعمه وتشجيعه أو تثبيطه.
  6. الوراثةُ وتقليد أحد الوالدين: فعادة ما يكون لدى الأباءِ الخجولين أبناء خجولين، والعكس غير صحيح ودعم أحد الوالدين للخجلِ عند الطِّفل على أنَّه أدبٌ وحياءٌ سببٌ جوهري في الخجل.
  7. اضطرابات النُّمو الخاصة والمرض الجسمي: كاضطرابات اللغةِ وتجنّب الطّفل الاحتكاك بالآخرين، كما أنَّ إصابته ببعض الأمراض مثل الحمى أو الإعاقة تمنعهُ من الاندماجِ أو حتى الاختلاط مع أقرانه، ويجد في تجنبهم مخرجاً مريحاً له.

   ولعلاج تلك المشكلة نقترح اتباع التالي:

  1. التَّعرف على الأسبابِ وعلاجها فمثلاً: إن كان سببُ خجلِ الطّفل هو اضطرابٌ باللغةِ، فعلى الوالدين أن يسارعا في علاج هذه المشكلة لدى الطّفل.
  2. تشجيعُ الطِّفل على الثقة بنفسه، وتعريفه بالنَّواحي التي يمتازُ فيها عن غيره.
  3. عدمُ مقارنته بالأطفالِ الآخرين ممن هم أفضل منه.
  4. توفيرُ قدرٍ كافٍ من الرِّعاية والعطف والمحبةِ والحنان.
  5. الابتعادُ عن نقدِ الطفل باستمرارٍ وخاصةً أمام أقرانه أو أخوته.
  6. يجب أن لا تدفعي الطِّفل للقيامِ بأعمالٍ تفوق قدراته ومهاراته، أو لا يحبُّ أن يعملها خصوصاً أمام الأقارب والضيوف.
  7. العملُ على تدربيهِ على تكوين الصَّداقات وتعليمه فنّ المهارات الاجتماعية، وذلك بالأسلوبِ القصصي وليس التوجيه المباشر.
  8. الثَّناءُ على إنجازاته ولو كانت قليلة.
  9. أن يُشجع الطِّفل على الحوارِ من قبل الوالدين، كما يجب أن يُشجع على الحوارِ مع الآخرين.
  10. تدربيه على الاسترخاء لتقليلِ الحساسيةِ من الخجل.
  11. أخذه في نزهةٍ إلى أحد المتنزهات، وإشراكه في اللعب مع الأطفال.
  12. متابعةُ المعلمة في الرَّوضة، وتقييم طريقة تعاملها معه باستمرارٍ، لأنَّ لذلك تأثيرٌ كبير عليه.

       أسأل الله أن يقرّ عينك به، وينبته نباتاً حسناً.